بقلم : محمد أمين
حرضتنى الباحثة نهال الأشقر أن أعيد الكلام من جديد عن صورة مصر.. وقد تزامن ذلك مع زيارة الرئيس الحالية لنيويورك.. وهى في الحقيقة للأمم المتحدة؛ وليس للولايات المتحدة.. ومع هذا التقى الرئيس ترامب؛ وقال فيه شعرًا.. ومن الأشياء التي تصنع الصورة رسائل الرئيس.. التي قدمها متحدثًا أو صامتًا.. فقد أعاد هيبة الدولة مرة أخرى!
السيسى ليس مرسى مثلًا.. ولا يمكن أن تضع الاثنين في مقارنة واحدة أبدًا.. سواء على مستوى الشخص أو الرئيس.. هذا رئيس يمكن أن تطمئن إلى قراراته.. ولا تخشى منه أن يورط البلاد في مغامرة هنا أو هناك.. فقد خاض معركة دبلوماسية لإنهاء مشكلة سد النهضة.. فلما فشلت المفاوضات لجأ للأمم المتحدة.. بحثًا عن الحل!.
لم يقل السيسى مثلًا إن مصر تمتلك أكبر جيش وأهم قوة عسكرية في المنطقة؛ ولا يريد أن يستخدمها في عمل عسكرى؛ ضد العدوان على مياه النيل.. لم يحاول إرسال رسالة ترامب إلى إيران.. لم يلوّح باستخدام القوة ضد إثيوبيا.. وبالمناسبة الرئيس استلم المشكلة.. ولم يصنعها أو تصنع في عهده.. هذا هو الفرق بين رجال الدولة والهواة!
فالزمن الذي هدد فيه الزعيم عبدالناصر، الإمبراطور هيلا سيلاسى، غير هذا الزمان.. والزمن الذي هدد فيه السادات إثيوبيا غير هذا الزمن.. أيضا فعندما أشار مبارك إلى عمر سليمان كان في زمان مختلف جدا.. ما حدث كان في زمن مرسى رحمه الله.. لم يكن رجل دولة؛ ولكنه أستاذ جامعى بلا أي تجربة في الحكم.. ولو حتى مجلس مدينة!.
هذه هي مصر عندما تتحدث.. فلم يقل الرئيس إنه سيحرك الجيوش.. ولم يلوّح باستخدام جيش مصر.. أو حتى يتحدث عن تحديثه.. بالتأكيد يعرف العالم ذلك.. ويضع الرئيس تحت المجهر.. إنه رجل معتدل وشريف.. العالم يعرف ذلك؛ وحين تلجأ مصر إلى المنظمة الأممية؛ فإنها لا تلجأ من ضعف.. ولا تريد أن تحارب إثيوبيا.. إنما تدافع عن مصالحها؛ لأن النيل قضية حياة أو موت!
لقد استفادت مصر من هذه الزيارة مائة بالمائة.. أكدت مكانتها الدولية، وطرحت قضيتها، وحصلت على شهادة من ترامب بعلم الوصول.. لقد عبر ترامب عن الجماعة بأنها الفوضى.. وحذر أن تعود مصر إلى الفوضى.. ولم أكن مع الذين دعوا الرئيس بالبقاء في مصر؛ كى يمثلها وزير الخارجية.. كانت الرحلة لها أهداف كبرى.. ولذلك أقول إن سفرية نيويورك جابت حق بنزين الطائرة وزيادة هذه المرة.. زيارة لها عائد كبير!
أتذكر الآن ذلك «الكلام العبيط».. لماذا تسلح مصر جيشها بالمليارات؛ هل سنحارب؟.. لم يرد الرئيس، لكنه كان يعرف المطلوب... كان يعرف أن الهجمة كبيرة.. كان يدافع عن كبرياء مصر.. وحين اعتدت إثيوبيا على حقنا في النيل.. لم يلجأ للتحكيم من ضعف أبدًا!