بقلم : محمد أمين
لم يتبادر إلى ذهنى شك أن مصر سوف تعبر أزمة السفينة البنمية بأقل خسارة ممكنة.. كنت واثقا أن رجال هيئة قناة السويس قادرون على تجاوز الأزمة.. فى الساعات الأولى رأيت الفريق أسامة ربيع فى كابينة القيادة، يبحث المشكلة بنفسه ومعه رجاله الذين يمتلكون خبرات نادرة.. كان هادئا واثقا يدرس السيناريوهات بلا توتر ولا قلق.. وعندما اتخذ القرار نزل من السفينة ليبدأ العمل فورا!
كان الفريق ربيع أقل الذين تكلموا مع الصحف والفضائيات، ولكنه كان أكثر الذين فكروا وعملوا على إيجاد حل.. وكأنه يريد أن يقول انتظرونا.. وكان انشغالى الكبير بعدة أسئلة، منها: كم يوما تأخذها السفينة حتى يتم تعويمها؟.. كان هذا الوقت مخصوما ليس من دخل القناة، ولكنها أيام مخصومة من اهتمامنا بسد إثيوبيا، والعد التنازلى يتسارع نحو الملء الثانى!
كانت عين البعض على قناة السويس، ماذا يحدث لو طال الوقت؟.. هل فكرة البديل كانت قائمة فى ذهن من يعبرون القناة؟.. هل تم تسويق الأزمة على أنها خطأ من هيئة القناة، وليس من كابتن المركب؟.. وكانت عينى على سد إثيوبيا، الذى يسمى خطأ سد النهضة.. لأنه لم يُبن للنهضة ولكن للمكايدة.. إثيوبيا كان يمكن أن تلجأ لتوليد الكهرباء ببناء محطة كهرباء بأقل مما بنت به السد وأكثر أمانا، إن كانت تريد الكهرباء ولكنها كانت تريد أن تضع مصر فى خانة اليك، وتستفز الدولة المصرية للأسف!
فكرتى كانت تقوم على أن الوقت القادم ينبغى أن يكون لصالح علاج أزمة سد إثيوييا.. كما أن وقت الدولة المصرية ينبغى أن يكون لمواجهة الخطر سلما وحربا.. فزمان كان الفرعون يهرع إلى أقصى الأرض ليفك أسر النيل، ولا يعود حتى يعود النهر يتدفق مرة أخرى.. ونحن أبناء الفراعنة، ولن نسمح بتعطيش مصر التى قال عنها «هيرودوت» إن مصر هبة النيل.. والإرادة المصرية التى حررت السفينة الجانحة هى نفس الإرادة التى سوف تحرر النهر، ولن تنام لنا عين حتى يحدث ذلك!
نحن الشعب المنقوش على جدران معابده منذ القدم «إذا انخفض منسوب النهر فليهرع كل جنود الفرعون، ولا يعودون إلا بعد تحرير النيل مما يقيد جريانه» وهى العبارة المنقوشة على جدران مقياس النيل بالمنيل.. وهى رسالة لنا جميعا أحفاد الفراعنة.. ولسنا أقل من أجدادنا الذين حافظوا على النهر وقدسوه وأقسموا ألا يلوثوه.. فهو شريان حياة المصريين منذ آلاف السنين.. وسيظل النيل يجرى، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، مادام فينا عروق تنبض بالدماء، إذا استنفدنا كل أدوات السياسة والدبلوماسية!
الدرس المستفاد الآن هو: «ما حك جلدك مثل ظفرك».. ولقد تابعت أشقاء يقولون كلاما من باب «برو العتب» وهم يشاهدون ويتفرجون فقط، سواء فى أزمة السفينة، أو أزمة سد النهضة!.. فحين يقولون إنهم مستعدون للمساعدة قولوا لهم كتر خيركم!