بقلم : محمد أمين
الآن خرج طارق عامر من دائرة الترشح رئيساً للوزراء، بعد التجديد له محافظاً للبنك المركزى، لمدة أربع سنوات تبدأ من الغد 27 نوفمبر.. وبذلك يُحسم الجدل حول التجديد للمحافظ، أو اختياره رئيساً للوزراء.. كما يغلق الباب فى وجه تكهنات رشحت آخرين خلفاً له، وبقراءة بسيطة فإن تأخر صدور القرار حتى أمس فقط، كان يعنى أن «قناعات الرئيس» لم تتغير أبداً!.
والقاعدة فى منصب كبير من هذا النوع، مثل «محافظ البنك المركزى»، أن يعرف المرشح قبلها بشهر على الأقل مثلاً، ولكن ذلك لم يحدث.. وكنت على «يقين» أن الرئيس سيُبقى على طارق عامر لاستكمال مشروع البنك المركزى، وبناء الجهاز المصرفى.. وبالفعل كان عدم تكليف أحد معناه أن طارق عامر «باقٍ» كأفضل من أدار «السياسات النقدية» وسعر الصرف!.
والذين يعرفون طارق عامر يعرفون أنه أقرب إلى منصب المحافظ منه إلى منصب رئيس الوزراء، وهذا هو ملعبه.. فالحكومة برئاسة مصطفى مدبولى تحتاج إلى اسم طارق عامر فى منصب المحافظ.. ومعلوم أن البنك المركزى هو عماد الاقتصاد القومى، وهو «عمود الخيمة»، كما يقال.. وكلاهما يحتاج إلى الآخر.. حتى تسير الأمور فى «تناغم»، وتنطلق المشروعات بقوة!.
ولم أصدق أى «شائعة» تخص المحافظ.. حتى ولو كانت شائعة تشكيل الوزارة.. فقد عانى الرجل من شائعات كثيرة على امتداد رئاسته للبنك المركزى.. ولكن ثقة الرئيس لم تهتز إطلاقاً، فكل قرار اتخذه كان بعلمه.. وهذه فرصة أخرى لصالح الجهاز المصرفى، «قبل» طارق عامر.. وقلت من قبل إن مصلحته الشخصية فى الرحيل، أما «مصلحة الوطن» ففى بقائه محافظاً!.
فهناك حيثيات تجعل «عامر» يبقى فى مكانه، منها نجاحه فى ضبط سوق الصرف، والقضاء على السوق السوداء للدولار.. ومنها إعلان مسؤوليته عن نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، وزيادة الاحتياطى الأجنبى لأعلى مستوى فى تاريخ البلاد.. فهل كان يُعقل أن يضحى به الرئيس؟.. وأى رسالة تحملها لكل من يتولى منصباً عاماً؟.. ولكل ما سبق توقعت له «التجديد»!.
وقد توقعت أيضاً صدور قرار جمهورى بإعادة تكليف الدكتور مدبولى بتشكيل الوزارة، وكتبت «مدبولى يشكّل الحكومة».. وكانت وجهة نظرى أن الرئيس لا يمكن أن يطيح برجل يعمل، لمجرد الرغبة فى التغيير.. وقلت إن «مدبولى» هو الذى سيذهب بحكومته إلى مقرها فى العاصمة الإدارية.. وقلت إن هناك اعتبارات مازالت «قائمة»، والرئيس لا يُغير لمجرد التغيير!.
وباختصار، لا يمكن الادعاء بأننى أضرب الودع، ولكنها قراءات متأنية.. وأتصور أن قراءتى ببقاء «مدبولى» و«عامر» كانت صحيحة.. وأعتبرها رسالة جيدة من الرئيس لمن يعملون معه.. وزراء أو محافظين.. والآن نحن فى انتظار حكومة مدبولى الثانية، فهل تصنع المستقبل كما نحلم؟!.