بقلم : محمد أمين
تحدثتُ، أمس، عن القوة الناعمة، ودورها فى صناعة صورة الدولة المصرية.. وأعتقد أن عالم الفضاء فاروق الباز واحد من صناع الصورة الذهنية «الكبار»، لأنه عالم كبير فى وكالة ناسا الأمريكية.. ويمكن أن تقول «ناسا أصلى».. ليس ناسا «محمد مرسى».. ومنذ أيام أطلقت «ناسا» اسمه على كوكب فى الفضاء، وهى لا تحدث كل يوم، تخليداً لاسم العالم الكبير!.
إلى هنا وكل شىء تمام، الغريب فى الأمر أن الخبر العظيم كان مكانه أخبار الناس والمنوعات فى الصفحات الداخلية، فى حدود 5 سم/ عمود.. فالمادة المكتوبة فى الخبر لا تتجاوز فقرة 50 كلمة.. فهل هذا معقول؟.. هل يتصور الذين يديرون الصحف أنه تم إطلاق اسمه على شارع؟.. هل هكذا نحتفى بعلمائنا؟.. وكان الخبر أن وزيرة الهجرة «تهنئ» فاروق الباز(!)
«الباز» أيها السادة ليس «مرسى العياط».. الباز أصلى.. ثم إنه من الداعمين للدولة المصرية.. كما أنه لا يطلب شيئًا ولا «يتمنظر» على المصريين.. ومن سخريات القدر أن «ناسا» تطلق اسمه على كوكب فى الفضاء ليدخل التاريخ، بينما لم تطلق الحكومة المصرية اسمه على أى شارع.. ولا أدرى إن كانت الشرقية «مسقط رأسه» قد أطلقت اسمه على أى مدرسة أم لا؟!.
لقد حاولت أن أقرأ الخبر فى «كل الصحف».. والمفاجأة أنه لا يزيد على عدة سطور بصورة على عمود.. كأنه لا يشبه محمد رمضان ولا رانيا يوسف مثلاً.. لماذا نفعل هذا بالضبط؟.. هل نحن نكره النجاح؟.. هل نحن ضد النابغين؟.. وبالمناسبة فاروق الباز واحد من النابهين النادرين فى تخصصه.. عمل فى وكالة ناسا للمساعدة فى التخطيط للاستكشاف الجيولوجى للقمر!.
وعلى فكرة، لم أقرأ أنه غضب لتجاهله أبداً، ولم أسمع أنه تضايق لأن نبيلة مكرم هى التى هنأته وحدها.. ولها كل التقدير.. فأين أكاديمية العلوم؟.. أين الجوائز التى تُمنح لكبار العلماء؟.. أين الجائزة التقديرية والنيل وقلادة النيل؟.. هل تعرف السبب؟.. السبب أنه متواضع جداً.. وهو الذى لا يدعى أنه خطير، مع أنه خطير.. مهمة الدولة أن «تستكشف» الكفاءات والعلماء!.
والسؤال: متى نستفيد منه فى صناعة «صورة الدولة»؟.. ألا نستطيع أن نتاجر به؟.. ألا نستطيع أن نستغله مثل محمد صلاح؟.. هل العالم الكبير «أقل» من اللاعب الكبير؟.. متى نطلق اسمه على شارع أو مدرسة أو أكاديمية؟.. الأمريكان أطلقوا اسمه على كوكب فى الفضاء.. كرموه.. فهو لا يريد أن يكون وزيراً ولا رئيس وزراء.. ولا «يزاحم» أحداً فى أى شىء!.
وباختصار، لم نستفد منه، ولم نستفد به.. فلم نطبق علمه، ولم نأخذ منه شيئاً.. قلت أمس إن الصورة الذهنية تصنعها الحكومات، ويصنعها المواطنون أيضاً.. وتصنعها القرارات الرسمية.. وتصنعها الحريات.. فكيف نصنع صورة مصر، ونحن لا نقدر العلماء، ولا نحتفى بهم بكل أسف!.