بقلم : محمد أمين
لا أميل إلى فكرة المؤامرة كنوع من التفسير السهل لما جرى فى مصر من أحداث خلال الأيام الماضية.. فلا يمكن اعتبار كل ما جرى مؤامرة، من أول جنوح السفينة إلى تصادم القطارين فى سوهاج.. مروراً بعمارة جسر السويس وحريق محطة قطار الزقازيق، وانتهاء بحريق فى شقة سكنية بالمنيب.. ولا أميل إلى هذه الفكرة لأنها تحمل فى طياتها اتهاماً بأن البلد سداح مداح، يفعل فيه المتآمرون ما يشاءون.. وهو غير صحيح بالمرة!
ولا أميل إلى أن ما حدث قضاء وقدر.. ولكنى أميل إلى فكرة الإهمال.. فجنوح السفينة قد يكون إهمال كابتن السفينة أو مرشد القناة.. وتصادم القطارين نتيجة إهمال أيضاً.. وانهيار العمارة إهمال وفساد.. ولابد أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح لنحاسب المتورطين!
وأؤيد قرار النائب العام بعدم إصدار أى تصريحات لحين الانتهاء من التحقيقات.. ولولا هذا القرار لكان عندنا ألف تفسير لتصادم القطارين، وجنوح السفينة، برغم أن القرار لم يشمل الباخرة.. ولكن حين كف الناس عن الفتوى توقف الأمر كله، ولم يعد أحد يطلق التصريحات سواء بشأن التصادم أو الجنوح، وأخذت هيئة السكة الحديد فرصة لمعالجة آثار الحادث.. وأخذت هيئة القناة فرصتها لتحريك الباخرة العملاقة!
الحوادث تحدث فى الغرب فلا يدلى كل الناس بتصريحات.. ولكن الكل يتوقف حتى تنتهى تحقيقات النيابة.. وفى حادث كلورادو الذى أطلق فيه مهاجر سورى النار على سوبر ماركت.. أكدت التحقيقات المبدئية أنه من ملامحه شرق أوسطى.. ولم تشر إلى اسم الدولة التى هاجر منها.. مع أنه سهل جداً الإشارة لذلك من هويته على الأقل.. وعرفنا ذلك فى وقت متأخر.. ولم يطالب الأمريكان بطرد السوريين.. ولكن الاتجاه كان لضبط قواعد شراء السلاح، وفتح الباب لتحريات أوسع عمن لديهم رغبة شراء السلاح!
معناه أن الأمور لم تزد عن ضبط سوق السلاح وليس التضييق على المهاجرين أو طردهم.. فكل ما على الأراضى الأمريكية مهاجرون تحكمهم ضوابط المواطنة.. بخلاف ما يحدث عندنا، إذ نتكلم فى كل شىء.. ونفتى فى نواح فنية وتقنية تخص البواخر والقطارات والطائرات إن أمكن، وتخص العقارات بالضرورة، ونصبح قضاة وفلاسفة فى كل شىء!
وإذا كتبت يميناً مثلاً يشتمك اليسار وإذا كتبت يساراً يشتمك اليمين، لأنهم يفهمون فى كل شىء.. أعرف أن الفرق فى معدل الثقة فى الحكومات هنا وهناك.. لأنها حكومات منتخبة، يمكن التخلص منها فى أقرب انتخابات قادمة!
المشكلة أن ما شغلنى فى واقعة جنوح الباخرة أن الغرب بدأ يفكر فى بديل يراه آمناً لتأمين احتياجاته من المواد البترولية وغيرها.. وهذه أكبر مشكلة تواجه مصر حقيقة، وهى من الآثار السلبية للحادث الأليم، وهكذا تأثرت مصر وصورتها بسبب الحوادث الأخيرة خلال الأيام الماضية!