بقلم - محمد أمين
قضيت أياماً فى شرم الشيخ كانت مليئة بالشائعات.. بعضها يتعلق بتغييرات فى الهيئات الوطنية والمجلس الأعلى للإعلام.. وبعضها يتعلق بتغييرات فى المؤسسات الصحفية.. حالة من الترقب لم أشاهدها من قبل بهذا الشكل القاتل.. ربما لأن المعنيين كلهم كانوا فى مكان واحد.. كثيرون أيضاً لم يكن لهم عمل وقد تركوا الفضائيات قهراً وأصبحوا على المعاش!.
أحسست أن البعض يتهامسون فيما بينهم.. كلهم يبدى استعداده لأن يقدم ما هو أكثر من المطلوب.. يعبر عن ذلك كتابة، ويعبر عن ذلك على صفحته على «فيس بوك».. أكثر الناس اطمئناناً الذين لا يحلمون بالحصول على فرصة فى الهيئات أو المؤسسات.. هؤلاء قلة بالطبع إما لأنهم تجاوزوا السن، وإما لأنهم محسوبون على تيارات مستقلة، وليس على الدولة!
استمعت إلى قصص بلا حصر من زملاء تم استبعادهم.. لا يعرفون لماذا تم استبعادهم من برامجهم؟.. لا يعرفون ماذا يمكن أن يقدموه فى المستقبل؟.. بعضهم احترف أعمالاً أخرى.. بعضهم لن يعود من جديد.. بعض الزملاء يقول إن سقف الإعلام أصبح على الأرض.. السقف على الأرض.. ما هو المطلوب من الإعلام؟.. الإعلاميون لا يعرفون المطلوب!
فى لقاء الإعلام الأجنبى مع الرئيس، كان السؤال: كيف نصنع إعلاما حراً؟.. كيف نصنع إعلاماً يبنى الوطن؟.. قال الرئيس إنه لا ضغوط على الإعلام.. نحن نريد إعلاماً حراً.. ونريد معلومات مدققة.. هكذا يرى الرئيس الإعلام.. وتم الاتفاق على عقد لقاءات مع الوزراء.. وتم الاتفاق على ضرورة التنسيق مع رئيس الوزراء.. ربما تصل المعلومات مدققة!.
وللأسف لم يحضر الذين يشكون من الإعلام لقاء الرئيس.. لم يحضر الذين يتحدثون عن هبوط السقف.. لو حضروا لاحتاج الرئيس إلى ساعات.. كان كل منهم سوف يطرح مشكلته.. بعض الذين حضروا حملوا الأسئلة الصعبة للرئيس.. تقريبا كان هذا هو السؤال الأهم فى اللقاء.. لو لم يطرحوا غيره لكان يكفى.. إنه لقاء السؤال الواحد.. ولكن كان فيه الكفاية!.
المناخ يحتاج إلى طمأنة من الرئيس شخصياً.. الأسئلة الصعبة الآن أكثر إزعاجا من ذى قبل.. الذين يحلمون بالفرصة لا يسألون حرية.. والذين يحلمون بالحريات لا يحلمون بالفرصة.. معادلة صعبة.. نحن على بعد خطوات من ثورتين.. كيف أصبحنا نتكلم عن الحريات؟.. ما علاقة بناء الوطن بذلك؟.. عندنا أساسيات معروفة لا نفاصل فيها.. اتركوا لنا التفاصيل!
لا نريد من يدير المؤسسات مستسلماً للكتالوج.. ولا نريد من يدير الفضائيات بنفس ممزقة يخشى وقوع البلاء.. نريد أحراراً يعملون بلا خوف.. نريد كباراً شركاء فى البناء.. لا نريد منبطحين بالفطرة.. هذا وطننا نحلم فيه براحتنا.. دعونا نتفق على بناء الوطن ونختلف فى التفاصيل!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية