بقلم : محمد أمين
أول شىء ينبغى أن تتكلم عنه، وأنت تتذكر نصر أكتوبر، هو عبقرية الإنسان.. من أول القائد حتى آخر جندى فى الصف.. فقد كان «السادات» داهية العرب، وكان يؤمن بقيمة الإنسان.. المواطن والجندى.. وهذه قصة يحكيها الرواة فى عدة سطور.. ولكن لها دلالتها.. فقد وضع «ساعة الصفر» للحرب، عقيد فى هيئة التخطيط، ولم يكن «السادات»، ولا حتى وزير الدفاع!.
هذا الرجل العظيم، هو اللواء صلاح فهمى، فاختار الشهر واليوم والساعة.. ودرس كل ذلك بدقة متناهية، ثم أخذ «كراسة حنان» ابنته، وكتب فيها «ساعة الصفر».. ثم عرضها على المخابرات، ثم وزير الدفاع، لتستقر «كراسة حنان» فى يد السادات.. فقال على بركة الله.. وكان السادس من أكتوبر الساعة 2 ظهرًا.. وهو «توقيت عبقرى» وهو غير مسبوق فى الحروب أبدًا!.
والقصة هنا هى «إعطاء الصلاحيات».. والصلاحيات تعنى «مسؤوليات» وتفجر طاقات الإبداع.. فالذى اختار ساعة الصفر عقيد، هو صلاح فهمى.. والذى فجر خط بارليف عقيد أيضًا.. هو اللواء باقى زكى يوسف فيما بعد.. وهما أهم حاجتين فى الحرب والنصر.. ولم يكونا فى الصف الأول.. واستجاب الفريق سعد الشاذلى والمشير أحمد إسماعيل، واعتمدها «السادات»!.
وهكذا نجح الإنسان المصرى، فى استرداد كرامته وكبريائه و«شرفه».. كان الجنود على جبهة الحرب.. وكان المواطنون يحرسون الجبهة الداخلية.. فلا سرقة ولا استغلال.. ولم تسجل يوميات الأقسام، جرائم سرقة أو اغتصاب أو استغلال.. سيمفونية فى الحرب، وسيمفونية فى الداخل، مصر كانت تحارب قضيتها.. فلا خائن ولا حرامى، وعبرت مصر الهزيمة النكراء!.
ولا أعلم أكثر مما تعلمونه عن الحرب والنصر.. ولكن نريد أن نستفيد منها.. كيف كانت روح أكتوبر؟.. ولماذا لا نستفيد منها الآن؟.. لماذا لا نعطى الصلاحيات لصلاح فهمى، وباقى زكى؟.. الشعب المصرى عبقرى.. أعطوه الفرصة للإبداع.. أعطوه الصلاحيات ليغير شكل مصر سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا واجتماعيًا.. نحن فى حاجة إلى العبقريين صلاح وباقى!.
كثيرون لديهم «كراسة حنان».. ولديهم أفكار عظيمة لإنقاذ هذا الوطن.. المهم أن تكون هناك اليد التى تتلقف كراسة حنان.. وتؤمن بقيمة كل فرد.. فلو قال الشاذلى: بلاش كلام فارغ!، أو قال المشير إسماعيل: إيه العك ده؟.. أو قال السادات: الساعة 2 إيه يا ابنى؟.. إنت عبيط؟.. تخيل كيف كانت هذه الكراسة خطة حرب كاملة، وضعها شاب، وآمنت به قيادات مصر وقيادات الجيش!.
باختصار، هذه رسالة إلى الذين يشكلون الوزارة الآن.. أهمس إليكم: اختاروا كفاءات وأعطوهم الصلاحيات.. اختاروا صلاح فهمى فى مكانه الصحيح، وباقى زكى فى مكانه الصحيح.. ثم اتركوا هؤلاء يعملون لمصر.. اجعلوا «كراسة حنان» هى المعيار.. لا كراسة تهبط عليهم من السماء!.