بقلم : محمد أمين
مازلتُ عند رأيى أن «مصطفى مدبولى» هو الأصلح الآن لتشكيل الحكومة للمرة الثانية والأخيرة.. لأن مصر فى طريقها لاستكمال البناء، وإن كان رئيس الوزراء قد تجاهل الإعلام، على امتداد فترة ولايته الأولى، ولم يتحاور معه أبدًا.. وبدا كأنه ينفذ سياسة أكثر منه يصنعها.. وهنا لابد أن تكون معه مجموعة اقتصادية على أعلى مستوى، تنتج أكثر مما تجمع ضرائب!
ومازلت عند رأيى أن الاستعانة برموز «مبارك» مازال مبكرًا، وهذا رد واضح على صديق سألنى فى منتدى الشباب: هل تعتقد أن الرئيس يمكن أن يستعين بمحمود محيى الدين، خاصة أنه أنهى عمله بالبنك الدولى؟.. قلت: صعب حاليًا.. وهو بالمناسبة كاتب كبير ومفكر عتيد.. وكان يحاول اختبارى.. قلت له: لا مانع من الاستعانة بهم كمستشارين من «خلف الستار»!
فالمؤكد أن الحكومة كلها فوق «صفيح ساخن»، وأن الرئيس كلما نظر فى التعديل طلب تغييره، لكنه فى كل الأحوال يحتفظ لنفسه بتغييرات اللحظة الأخيرة، كما حدث مع أصحاب حقائب سيادية فى مرة سابقة.. وقد يفعلها أيضًا هذه المرة.. أعرف أن هناك مواءمات، وأعرف أن هناك رغبة فى عدم حرق بعض الأوراق.. لكنه أيضًا لا يحب عودة حكاية مراكز القوى!
ولا أحد يعرف طريقة تفكير الرئيس، كما أنه لا يبوح بكل ما لديه.. إنما يحتفظ بأشياء خاصة لنفسه.. ولكنه فى التقييم النهائى يحرص على رسم صورة لا يمكن تخيلها قبل صدور القرار الجمهورى.. ويمكنك، قياسًا على هذا التصور، تقدير حجم التغيير، والتنبؤ بمَن يرحل ومَن يبقى.. ونسبة وجود النساء فى الوزارة.. وما إذا كان هناك «نواب» لرئيس الوزراء أم لا؟!
التفسير الذى يذهب إليه البعض لكل هذا التأخير أن هناك «مذبحة» بالمعنى السياسى للكلمة.. وأنا أتفق مع هؤلاء فيما ذهبوا إليه.. هناك آمال كبرى على حكومة 2020.. وهناك مواصفات ينبغى أن تتوافر لهذه الحكومة على المستويين الشعبى والرئاسى.. فهى ليست مجرد حكومة.. لكنها الحكومة التى ستدخل التاريخ بمصر.. وقد «يصاحبها» تعيين نواب للرئيس!
والمشكلة فى تقديرى ليست مشكلة كفاءات.. عندنا أسماء مهمة فى تخصصاتها.. المشكلة فى توظيفها وتثبيتها.. هذه هى المعادلة.. وعندنا مشكلة أيضًا فى عدم حرق الكفاءات، وتجديد الدماء، والخلاص من بعض الوجوه، التى لا تحظى بقبول شعبى.. أى أنها حكومة مصالحة.. وقد حافظ الرئيس على سرية التشكيل، كرجل مخابرات «يمسك» وحده بخيوط اللعبة!.
باختصار، كانت مصر طوال الأيام الماضية فى «حالة وضع».. الآن انتقلت إلى غرفة العمليات.. ويمكنك أن تعرف، من حجم التجهيزات وأدوات الجراحة والتخدير، إلى أى مدى هذا التغيير.. وقد تعرف شكل الرؤوس التى ستطير.. جائز كلمة «مذبحة» ثقيلة، لكنها «عملية كبرى»!.