بقلم : محمد أمين
حزنت جدًا وتألمت لما شاهدت من مناظر مؤسفة لتحويل ترعة سقارة إلى مقلب قمامة كبير بعد تنظيفها وتبطينها.. وبدأت الفكرة تلمع فى رأسى من جديد.. وهى الفكرة الخاصة بالشراكة بين المجتمع المحلى وأجهزة الحكم المحلى.. وهى الفكرة التى تتعلق بمجلس أمناء كل قرية تم تطويرها، باعتبارهم مصدر الرعاية والحماية لكل إنجاز.. وأشرت إليها فى مقالى أمس.. وكتبت عنها فى وقت سابق، ولكن الحكومة لا تستجيب.. والحكومة تحب أن تعمل وحدها.. وهى رؤية قاصرة لا تنجح على المدى الطويل، ولا تُحدث حركة ولا صحوة فى المجتمع الذى تذهب إليه!.
وكنت أرى أن تتجاوب الحكومة مع الأفكار المطروحة، فلا تخرج من القرية إلا وقد اطمأنت إلى الجهة التى تسلمها المشروع وتصدر بذلك قرارًا لا يكلفها شيئًا.. ليبقى فى حيازة هؤلاء، فيتولوا حمايته ورعايته وصيانته.. ويكونوا همزة الوصل بين القرية والمحافظ.. خاصة فى غياب المجالس المحلية، وقد يطول الأمر.. فما تعرضت له ترعة سقارة يؤكد أن الناس لا تتعاون مع الحكومة، وترى أن الحكومة تنفرد بكل شىء دون مشاركة من الأهالى.. ولو كان هناك هذا المجلس ما سمعنا عن مقلب القمامة فى الترعة ولما وصل الأمر إلى هذا الحد على الأقل!.
لا تلقوا بالمليارات فى الترع وتمضوا.. فالمبالغ المخصصة للمشروع هائلة جدًا.. وقد علمنا أن القصة لا تقتصر على ترعة سقارة وحدها، فهناك ترع عديدة فى منطقة الجيزة وغيرها من الأقاليم الأخرى، وأبناء القرى أدْرَى بحل مشكلاتها البسيطة، فأٌقل شىء أن يكونوا شركاء فى المسؤولية.. وقد قال رئيس مصلحة الرى إن المشروع القومى لتبطين وتأهيل الترع هو أحد مشروعات مبادرة حياة كريمة لدعم القرية المصرية وتطويرها، وتبلغ تكلفته 18 مليار جنيه، وأحد أهدافه استعادة جمال الريف المصرى والمحافظة على الترع بعد تبطينها!.
وأعتقد أن الأهالى لم يشعروا بالفرح.. ولم تتم توعيتهم أثناء التشغيل.. ولم تتعاون وزارتا الأوقاف والبيئة مع المشروع القومى، فتكون خطبة الجمعة فى المساجد عن إماطة الأذى عن الطريق والحفاظ على البيئة.. ولكننا سمعنا عن إنفاذ القانون بالتعاون بين الوزارات المختصة وتوقيع عقوبات على المخالفين، قد تصل إلى عشرة آلاف جنيه والإحالة إلى النيابة!.
وأود بهذه الفكرة استنهاض همة أهل الريف، خاصة المجتمع المدنى والأحزاب، فى أمور لا تتعلق بالسياسة وإنما بالمجتمع الذى يعيشون فيه ويحافظون عليه!
وبالمناسبة، فليس لدىَّ شعور بأننى أنفخ فى قربة مقطوعة كما يحلو لبعض المتابعين أن يكتبوا لى.. فليس عندى هذا الشعور على مدى حكومات سابقة وحتى الآن.. فقط ينقص الحكومة أن تتعامل مع الأفكار بطريقة أفضل.. فلا أحد يبحث عن جائزة ولا يريد الحصول على نيشان!.
وأخيرًا، كل طرف يمكن أن ينجح فى جانب محدد، فلماذا لا ينجح الطرفان معًا ونتعود على فكرة الشراكة بين الحكومة والمجتمع، دون تجاوز من طرف على آخر؟!.