بقلم : محمد أمين
من أهم الموضوعات التى تؤرق المجتمع كله والأسرة تحديدًا موضوع «سترة البنات».. بعض الناس فى القرى يجهزون العروس بأكثر من تجهيزها فى المدينة حتى لو استدانوا.. ثم نفاجأ بأننا أمام آلاف الغارمات وقد أصبحن فى السجون.. ثم يعيش المجتمع حالة «صعبانية»، وتقوم الجمعيات بسداد قيمة العفش لإطلاق سراح الغارمات من السجون، وتنتهى مشكلة عدة غارمات، ولم تعالج المشكلة حتى الآن من جذورها، عن طريق التنوير وتغيير ثقافة المجتمع!.
الأصل هو إعادة بناء الثقافة المجتمعية، وتعليم الناس أن المغالاة فى المهور تضر الجميع.. وأن كل فتاة تتزوج على قد حالها، فبالتأكيد العريس يأتى وهو يعرف ظروف الفتاة، فلماذا تشترى الفتاة 80 جلابية و40 فوطة وسبعين قميص نوم؟.. ولماذا يتم تجهيز البنت الواحدة بربع مليون جنيه؟.. هل تشترى الأجهزة لخدمة أحفادها؟.. هل يصح أن تشترى العروس ثلاجتين وغسالتين وأربع شاشات تليفزيون.. وهم فى النهاية لا يملكون نصف هذا المبلغ؟.. هل يصح أن تستر الأم ابنتها ثم تذهب إلى السجن؟.. أى عقل هذا؟!.
المُلاحَظ أن الشباب الجامعى يرضى بأقل القليل، ويتزوج بغرفة نوم وأنتريه، وبدون نيش، فى شقة إيجار، بينما الفتاة الريفية تفرش خمس غرف، وتجدد عفش حماتها أيضًا.. ما هذا التبذير، وأى منطق فى هذا كله، مع أن الأسرة لا تملك ربع هذا العفش؟!.. لقد قرأت أن عروسًا من الفلاحين اشترت ملابس تكفى عشر سنوات، مع أن الموضة ممكن تتغير، ومع أن وزنها نفسه بالتأكيد سيتغير بعد الحمل والولادة.. ومعناه أن ما اشترته وهى بنت قد لا يصلح لها وهى زوجة، فماذا تفعل بثمانين جلابية، وماذا تفعل باثنتى عشرة بطانية، وسبعين قميص نوم؟!
هل نحن شعب «مظهرى»، ولماذا يعاير البنات بعضهن ويتعاملن بطريقة المحاكاة؟.. وكيف تقبل البنت دخول عش الزوجية على حساب الأم الغارمة، التى تدخل السجن؟ وكيف تشعر بفرحتها؟.. باختصار، «سترة البنات» ضرورة ولكن ليس على حساب الأم أو الأب بأى حال من الأحوال!
أين رجال الدين وعلماء الاجتماع؟.. هل المجتمع لم يعد يقبل عظات رجال الدين، بعد أن ظهروا وهم يركبون أحدث السيارات ويسكنون أفخم الشقق وأفخر الفيلّات؟.. هل ينبغى أن تتدخل الدولة فى تحديد المهور، ولو بعدم مساعدة الغارمات مرة أخرى؟.. بالتأكيد كل أم عندها أكثر من بنت، وإذا ساعدتها الدولة وأهل الخير مرة، فينبغى ألا تحصل نفس الغارمة على مساعدة أخرى، لكى تتعامل مع بناتها بطريقة عادلة! بالطبع لست ضد مساعدة أهل الخير للفقراء أبدًا.. المساعدة الحقيقية تكون بتقديم التوعية والتثقيف.. حكمة: علِّموهم الصيد ولا تعطوهم السمك.. علِّموا أبناءهم القناعة والرضا. الشباب المتعلم الآن رفع يافطة «لا نيش ولا ستاير ولا سجاد».. ويستمرون فى التجهيز حتى بعد الزواج، ويؤخرون الإنجاب خمسة أعوام.. فقط لأنهم يشعرون بالمسؤولية.. وأخيرًا، هذه القضية ينبغى أن تكون قضية مجتمع، بإعلامه وثقافته وتعليمه وجمعياته!.