بقلم-محمد أمين
لم يكن الذين اهتموا بمصير جمال خاشقجى، يعرفون نطق الاسم على وجه صحيح.. ولم يكن الذين يطلبون الحقيقة أولاً يعرفون تفاصيلها.. إنما كان ذلك لأن الخبر أصبح رقم واحد فى كل فضائيات العالم.. تحليلاً وتفسيراً.. أو انتقاماً على طريقة قطر.. وكانت الأخيرة تريد هدم النظام السعودى.. وهنا كان موقف مصر من الأزمة.. ليس انحيازاً للمصلحة ولكن للدولة!.
والانحياز للدولة السعودية ليس انحيازاً لملك أو أمير، وإنما لنظام إقليمى قد ينهار فجأة، إذا ما تعرض النظام السعودى لأى خطر.. هكذا نظرنا للأمر كله.. فلم يكن من الممكن أن نتجاهل القضية، لأننا لا نريد الانحياز هنا أو هناك.. ولماذا ننحاز أصلاً؟.. ولماذا لا ننحاز أيضاً؟.. وأخيراً اعترفت المملكة، وصدر بيان ملكى بمحاكمة المتورطين فى القضية، بعد تحقيقات النائب العام!.
إذن هذا هو القرار الرسمى، وهو يتسق مع قناعاتنا منذ أول لحظة.. وهذه هى الإجراءات التى اتخذتها المملكة.. وإلى هنا انتهى الأمر.. ليس لأن موقفنا داعم للمملكة، وليس لأننا نفهم أسباب الاستهداف.. وهو ابتزاز المملكة وتركيعها، وإحداث تغييرات فى منظومة الحكم.. ومن هنا كان الانحياز للدولة.. وهى نفسها التى وقفت إلى جوارنا عقب ثورة 30 يونيو!.
وإذا كانت أمريكا، بجلالة قدرها، تنحاز للقرار السعودى، وتثمنه وتكتفى بمتابعة التحقيقات، وإذا كانت روسيا ترى أن الأزمة «صناعة» دول تملك المحطات والصحف والأموال، فى إشارة لقطر.. فهل كانت مصر ترى أن القضية «مدبرة»؟.. وهل كنا هنا نتهم النظام السعودى بالقتل، مع أن الذين قتلوه هم الآن محل تحقيق؟.. فمصر كانت تعرف أن السعودية «مستهدفة»!.
فالبيان الذى أصدرته وزارة الخارجية بيان كاف.. إذا كنا نبحث عن حق خاشقجى فهذه هى التحقيقات الأولية تنصفه.. وإذا كنا نبحث عن الجناة فقد حددهم البيان الملكى وعدهم عداً.. أحال بعضهم للتقاعد، وسيجرى التحقيق مع الآخرين.. لأن القتل من الممكن أن يحدث خطأ.. ولكن إخفاء الجثة لم يكن خطأ.. هكذا يقولون، وهكذا سيكون كل شىء موضع تحقيق عاجل!.
وبالتأكيد فإن الوصول إلى الحقيقة هو الأهم.. فلا ينبغى توزيع التهم عشوائياً.. من القاتل؟.. وكيف تمت عملية القتل؟.. وقد حدث كل هذا بهدوء شديد.. سواء كان تحت تأثير الرأى العام، أو لأن المملكة كانت تتخذ إجراءاتها فعلاً.. وهى خطوة تبرهن على حرص المملكة على الوصول للحقيقة وتطبيق العدالة.. هذه هى الحكاية باختصار لمن يريد الحقيقة فقط!.
وبعد، فإن هذه القضية تفضح «ابتزاز المملكة».. وقد كشف كل طرف عن نيته، والزاوية التى يقف فيها.. المصلحة أم الحقيقة؟.. وإذا كنت مع المصلحة فأنت مع السعودية.. وإذا كنت مع الحقيقة فأنت أيضاً مع السعودية، حتى تأخذ حق جمال خاشقجى، رحمه الله!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع