بقلم - محمد أمين
لا أدرى من الذى انتصر فى معركة أكوستا- ترامب؟.. هل الذى انتصر هو أكوستا نفسه على رئيس أكبر دولة فى العالم؟.. هل الذى انتصر هو الإعلام والصحافة فى مواجهة الرئيس؟.. هل انتصرت شبكة سى إن إن؟.. أم انتصر الدستور الأمريكى والحريات على ساكن البيت الأبيض؟.. هل انتصر القضاء الأمريكى؟.. أم انتصرت أمريكا «نفسها» على الرئيس؟!.
نعم انتصرت الصحافة، وانتصر الدستور، وانتصرت الحريات، وانتصر القضاء، وأخيراً انتصر أكوستا.. ولولا أن أكوستا كان أمريكياً، لكان خروجه من البيت الأبيض لعنة تطارده فى كل مكان، ولامتنعت صحف وشبكات إخبارية وصحف كبرى عديدة عن تشغيله.. فقد ألزم القضاء البيت الأبيض بإعادة التصريح إلى أكوستا، وعاد الرجل إلى عمله غصباً عن ترامب نفسه!.
ويمكن استنتاج الآتى من قصة المراسل والرئيس.. أولاً: الشبكة الإخبارية لم تستبعد المراسل أكوستا، وترسل غيره للبيت الأبيض، ولكنها أصرت عليه، وراحت تقاضى ترامب.. ثانياً: القضاء الأمريكى كان شامخاً ونظر الموضوع دون تأخير، وعاد المراسل ظافراً منتصراً.. ثالثاً: الانتصار كان للقيم الأمريكية وليس للرئيس، فهو موظف والمراسل يؤدى عمله!.
رابعاً: لم تتفرج شبكات أخرى على سى إن إن، وإنما انضمت إليها شبكة فوكس نيوز القريبة من البيت الأبيض.. وهو ما يعنى إعلاء القيم الكبرى.. فيوماً ما سيرحل الرئيس، وتبقى القيم والحريات.. خامساً: احتفاء جميع الصحف بعودة أكوستا لأنها انتصار للحريات.. وكان المشهد الرائع الذى شاهدناه بالأمس، وهو يدلى بتصريحات ويملؤه الإحساس بالفخر!.
فقد كانت مشادة حامية بين المراسل والرئيس.. المراسل يصر على أداء مهمته، والرئيس يصر على رفضه، حتى إنه وصفه بأنه «وقح».. وهنا قامت المتدربة بمحاولة سحب الميكروفون، وبدأت عملية تلفيق جريمة تحرش على الهواء مباشرة.. وتحول ترامب إلى رئيس من العالم الثالث، فلقنه القضاء درساً قاسياً، وانتصر للمراسل.. فلم يملك أن يمنعه من الدخول!.
الدرس الأهم أن البيت الأبيض ليس ملكاً للرئيس.. وإنما هو يمارس منه فقط حق إدارة البلاد لدورة رئاسية إذا انتهت انتهى وجوده فيه.. أما الدستور الأمريكى فهو الحكم بينهما.. وحين سبه الرئيس لم ينفعل.. كان يعرف أن هناك «قضاء يحميه».. وحين سحبت الموظفة الميكروفون لم ينفعل أو يسبُها، وإنما قال لها «عذراً سيدتى».. وأصرّ على استكمال مهمته!.
وأخيراً.. ستبقى قصة المراسل والرئيس درساً بليغاً فى الحريات.. وستبقى قصة يفتخر بها «أكوستا» أولاً لأنه «أمريكى» يحميه الدستور، وينتصر له القضاء.. والأجمل أن القاضى الذى منح أكوستا حق العودة «معين» من ترامب.. ولا يعنى تعيين القاضى أن يكون ولاؤه للرئيس!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع