بقلم - محمد أمين
مشكلة التعديلات الدستورية أن الذين تصدوا للكلام عنها والتمهيد لها عندهم مشكلة مع الرأى العام.. فالبعض يرى أنهم صناعة أمنية، والبعض يرى أنهم رجال كل الأنظمة.. فوقعت المعارك هنا وهناك، وتم التلسين عليهم، وعلى الدولة.. وفى المقابل ظن البعض أن الذين يؤيدون التعديلات يحبون الوطن، بينما الذين يعارضونها «قد» لا يحبون الوطن!.
المعارضة أيضاً تحب الوطن.. تحبه بلا مكاسب.. وربما تحبه أكثر من الذين يظهرون فى الكادر، ويسترزقون من مواقفهم.. والمعارضة الوطنية لا تعارض والسلام، ولكنها تخشى على الوطن، وتراه من الزاوية التى تقف فيها.. وفى الأنظمة الديمقراطية يحدث نقاش أولاً، وتكون هناك معلومات عن أى تعديل.. المأساة أن النواب «فوجئوا» بالتعديلات فى المجلس!.
المزايدات حدثت بين الأطراف سببها أنه لا توجد معلومات.. ولأنه تم تجهيز التعديلات بعيداً عن الرأى العام.. فلم يحدث أى نقاش، لا فى الصحف ولا الأحزاب ولا الفضائيات.. وقعت التعديلات مثل القضاء والقدر.. والناس أعداء ما جهلوا.. قد تكون التعديلات مفيدة، لكن الناس تكرهها، لأنها لم تشارك فيها.. قد تكون مهمة، لكن لا ينبغى أن تقع مثل القضاء والقدر!.
ومازلت أقول تنقصنا إدارة المعارك.. وتنقصنا إدارة السياسة، وسياسة الإدارة.. والفرق كبير بين إدارة الأوطان وإدارة الشركات.. فلا خلاف على وطنية أحد.. ولكن الخلاف على الطريقة.. فما حدث يعنى أنه ليس عندنا رأى عام.. وليس عندنا أحزاب.. وليس عندنا مجتمع مدنى.. استفيدوا من تجاربنا السابقة.. كان عندنا حوار مجتمعى وكان عندنا حوار وطنى!.
القضاء على الرأى الآخر جريمة.. استيعابه مصلحة وطنية.. شهادة للتجربة.. ليس صحيحاً أن المراكب ممكن أن تسير بهذه الطريقة.. ستحدث عواصف فى الطريق.. ستحدث أنواء ورعد وبرق.. لا نريدها أبداً.. بقليل من السياسة والحوار يمكن احتواء كل الأطراف، وهى وطنية وتحب مصر.. الاستماع إلى المعارضين يعطيك شهادة صلاحية بشعار الجمهورية!.
لا أحد ضد دعم مؤسسات الدولة المصرية.. وعلى فكرة، الدولة شىء والنظام شىء آخر.. كل المعارضين يعشقون الدولة.. ولكن قد يكون لهم ملاحظات على الأداء العام.. الحوار يمكن أن يحل اللغز.. يمكن أن يقرب المسافات.. فلماذا نتجاهل الجميع؟.. كانوا ذات يوم فى المركب.. خروجهم من الصف مشكلة.. استعادتهم ممكنة.. والحوار معهم فوراً ضرورة قومية!.
فكرة تسريب التعديلات غير مقبولة.. فهل يعقل أن يعرف بها آحاد الناس ولا يعرف بها نواب البرلمان، وعدم إذاعة مناقشات النواب معناه أننا نعمل حاجة غلط.. ومن هنا كانت صدمة التعديلات والاستعداد لمقاومتها والخوف منها.. باختصار نحن أمام أزمة إدارة، وأزمة سياسة!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع