بقلم - محمد أمين
الاحتجاجات الفرنسية لن تؤدى إلى ثورة أبداً.. البلاد التى ذاقت طعم الثورات اكتفت ولن تقوم بثورة مجدداً.. والبلاد التى لم تعرف الثورات تعلمت الدرس.. لن تمضى فى الطريق ذاته.. فالدول الديمقراطية عندها مناعة ضد الثورات.. مهما مارست الاحتجاجات، ومهما كانت الأعداد.. ربما لأن فيها ديمقراطية وبرلماناً وأحزاباً وإعلاماً حراً.. هذه هى «ميزة الديمقراطية»!.
يوم السبت قبل الماضى، خرج قرابة ثلث مليون مواطن فرنسى احتجاجاً على زيادة أسعار الوقود.. اعترفت وزارة الداخلية بالأعداد.. لم تقل إنهم عشرة آلاف من الممولين.. لم تقل إن فرنسا تخضع لمؤامرة.. عالجت الأمر سياسياً، تراجعت الأعداد فى احتجاجات السبت التالى.. هناك يخرجون يوم السبت.. يرتدون «سترات صفراء».. إذن هناك جماعات وراء الأزمة!.
والمؤشرات تؤكد أن الاحتجاجات لن تصمت.. الأعداد التى خرجت لن تنفض بسهولة.. لن يؤثر فيها التفريق بالغاز، ولا القبض على بعض العناصر.. لكن الأعداد سوف تتراجع.. سوف يتم التوصل إلى حلول.. سواء عبر الإعلام أو البرلمان أو الأحزاب.. كلها أبواب تعمل بحرية.. كتم الأصوات هو الذى يخلق حالة الفوضى.. وهو الذى يجعل الاحتجاجات مدمرة للوطن!.
حركة «السترات الصفراء» لم تخرج لتعود بسرعة إلى مكامنها.. بالعكس سوف تخرج من جديد فى يوم عمل.. قالت إنه يوم «الثلاثاء»، أى غداً.. كانت تخرج يوم السبت.. قامت وزارة الداخلية بعمل اللازم.. طاردت بعض العناصر، واعتقلت البعض الآخر.. وأمطرت المحتجين بالغاز.. ولم يطالبها أحد بضبط النفس.. فحدث الصدام.. وقال «ماكرون» إنه يشعر بالعار!.
والسؤال: من ينتصر فى النهاية؟.. هل ينتصر المحتجون أم تنتصر الحكومة؟.. هل يتم التوصل لصيغة وسط مثلاً؟.. ماذا تفعل الحكومة فى مواجهة التأييد الشعبى الكاسح لمطالب المحتجين؟.. هل يعود الذين خرجوا فى السبت الأول وأكثر؟.. هل تزداد الأعداد المشاركة؟.. هل تعم الفوضى أنحاء فرنسا؟.. هل يصلون إلى المقر الرسمى لرئيس الحكومة فى الشانزليزيه؟!.
فما جرى فى فرنسا لن يمر سهلاً.. إنه احتجاج على المؤسسات والأحزاب وأجهزة الحكم.. سوف يتدارسون ما جرى حين ينتهى الأمر.. البرلمان يؤدى دوره لكنه «يماين».. الإعلام يؤدى دوره لكنه «يماين».. والأحزاب أيضاً تفعل الشىء نفسه.. أين كانت هذه المؤسسات؟.. وكيف خرج الناس؟.. هل هؤلاء من خارج الأحزاب؟.. هل يطالبون بإسقاط الحكومة؟!.
الاحتجاجات حتى الآن تتحدث عن أسعار المحروقات فقط.. لم تطلب إسقاط الحكومة ولا حل البرلمان.. لم تطلب أى شىء من ذلك.. هل يا ترى من الممكن أن يتفاقم الأمر؟.. هل تستجيب الحكومة الفرنسية.. أم يصل الأمر إلى «قائمة الإسقاطات المعروفة» التى تنتهى بإسقاط الرئيس؟!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع