بقلم - محمد أمين
قطعاً هو مشهد مهيب.. وقطعاً هناك خصوصية يتميز بها مشهد وداع البطل.. فلا تستغربوا أن تسمعوا الزغاريد، ولا تندهشوا أن تسمعوا الهتافات مع صيحات البكاء.. أم ثكلى تبكى وتزغرد فى الوقت نفسه.. تبكى على فقد ابنها وفلذة كبدها، وتزغرد لأنه سوف يزف إلى الجنة.. ومئات الآلاف يبكون لأنه ضحى بنفسه كى نعيش.. والآن يزفونه فى علم مصر!
الكل يتسابق كى يلمس جثمان الشهيد.. يحاول أن ينال شرف حمله والسير فى جنازته.. إنه الابن والأخ والبطل.. كان «مشروع شهيد».. عاش ودوداً جميلاً يخدم أهله.. ويرتبط معهم برباط جميل.. حين تتفحص صوره تعرف أنه فعلاً «ابن موت».. فكيف كان عند أمه وأبيه وزوجته وبنيه؟.. كيف كان عند أصحابه؟.. هكذا كان «مصطفى» ينتظر لحظة الشهادة!
الآن يبكيه الرجال.. والآن تبكيه النساء ويزغردن فى وداعه.. من أين جاء هؤلاء بكل هذا الصبر؟.. إنه اليقين بأنه لم يمت.. اليقين بأنه حى يرزق.. يسمعهم ويراهم.. وسيمضى إلى حياة أفضل ألف مرة.. إنه قد حجز مقعده فى الجنة.. أصبح شفيعاً لأمه وأبيه.. تكريم كبير، فوق تكريمنا له بجنازة رسمية يتقدمها المحافظ وجنازة شعبية «كبرى» يسير فيها الآلاف!
لقد أنقذ الشهيد مصطفى عبيد مئات المصلين من الأقباط.. وانقذ مئات مثلهم من المسلمين.. فلم تكن هذه القنابل لتختار المسيحيين فقط فى كنائسهم.. كانت ستنسف كل من يقابلها، واختار مصطفى أن يكون هو الشهيد.. دفع حياته بكل الرضا.. عاش كريماً ومات كريماً فانتفضنا جميعاً لتكريمه.. فأراد أن يوجه لنا رسالة بالوحدة فى آخر لحظة من لحظات حياته!
إنها رسالة موجهة.. قوتنا فى وحدتنا، قوتنا فى التفافنا حول الوطن، قوتنا فى مواجهة الإرهاب الأسود.. هذا إمام المسجد والمؤذن، وهؤلاء هم طلاب الأزهر أول من طاردوا الإرهابى للفتك به.. وهم أول من أبلغوا عن العبوات الناسفة.. وتم إبلاغ الشرطة لتفكيك القنابل.. إلا أن إرادة الله كانت وراء سقوط «مصطفى» شهيداً فى «ليلة عيد الميلاد»، وهى ليست كأى ليلة!
إنها فرصة لنجدد العهد معاً على الثأر للشهداء.. ونجدد العهد لمطاردة الإرهابيين الظلاميين.. وكانت الجنازة إشارة ورمزاً لهذا العهد.. وكانت الهتافات تندد بالجناة.. هكذا أصبحنا على قلب رجل واحد للدفاع عن الوطن والثأر للشهداء.. نبكى نعم.. ونزغرد نعم.. لكننا لا ننسى أن نتوحد لحماية الوطن.. نهتف فى وجه الإرهاب الأسود.. فليسقط الإرهاب والإرهابيون!
بالتأكيد فإن كل ضابط «مشروع شهيد».. هو وحده من يستحق الزغاريد.. فلا تنسوا شهداءكم الأبطال.. ولا تخافوا أبداً وفيكم رجال مثل مصطفى وغيره من أبناء جيشنا العظيم وشرطتنا الباسلة!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع