بقلم - محمد أمين
ستبقى حملة «خليها تصدى» من أشرف الحملات، التى قادها الرأى العام فى مواجهة جشع تجار السيارات.. وهى تذكرنى بحملة هوانم المعادى وجاردن سيتى والزمالك زمان، التى قاطعن فيها الجزارين.. وأجبرنهم على خفض الأسعار.. مستحيل أن تذهب هذه المكاسب إلى جيوب رجال الأعمال والتجار.. غير معقول أن تسمح الحكومة بكل هذه السرقة وهذا الاحتكار!.
فمن المؤكد أن الحملة أتعبت أصحاب التوكيلات، وأتصور أن الحملة ستكون درساً لكل التجار مستقبلاً.. ربما يمكن تطبيقها على كل شىء يمكن استهلاكه.. سيتم تركيع التجار.. سيلتزمون بخفض الأسعار، والاكتفاء بهامش ربح بسيط.. القاعدة تقول: «اكسب أقل وبيع كتير تكسب كتير».. لكن تجار السيارات استنزفوا طاقات البشر.. هلكوا الشباب وسحلوهم وربما سجنوهم!.
ولأنها حملة «واعية» يقودها «مثقفون» أتعبوا التجار.. رأيت فيديوهات يذهب أصحابها إلى مصانع السيارات نفسها فى أوروبا.. يعرضون الأسعار الحقيقية والخصومات.. يعرضون هامش الربح.. ويضيفون إليها الرسوم المقررة والشحن والنقل.. لا يعتمدون على الغوغائية والشتائم.. ومن هنا كانت المصداقية.. ومن هنا كان التأثير الكبير على تراجع المبيعات فى السوق!.
ففى كل مكان سوف تجد صدى لحملة «خليها تصدى».. فهم لا يمارسون السياسة أبداً.. ولا يستهدفون أحداً بعينه لإيذائه.. لا يريدون ضرب السوق إطلاقاً.. هدفهم ضبط السوق.. هذه قيمة لوحدها لتحقيق التأثير والمصداقية.. أولاً أن تكون صاحب رسالة، وأن تكون موضوعياً.. النقطة الأخيرة استخدموا الأرقام بطريقة صحيحة.. بلا سباب ولا شتائم ولا دعايات كاذبة!.
إذن أنت تستطيع أن تقهر من يحتكرك.. وأن توقفه عند حده فوراً.. وأن تضربه فى مقتل.. فقد نجحت الحملة فى تراجع المشتريات من كل نوع.. وانتظر الناس حتى يمر الربع الأول.. فمصر سوق كبيرة.. لا يمكن تجاهلها.. مصانع السيارات تحركت.. أجبرت أصحاب التوكيلات على سرعة التصرف.. مهم أن تعيد ضبط عملية التسعير، ومهم أن تكون طرفاً فى المعادلة!.
لم تفعل جمعية «حماية المستهلك» فى سوق السيارات، ما فعلته حملة «خليها تصدى».. ولم تفعل ما فعلته جمعية «مواطنون ضد الغلاء».. المواطن يمكن أن يتحرك.. ويمكن أن يدافع عن حقوقه.. هذه المرة أحدث ثورة اقتصادية.. استخدم أيضاً «الفيس بوك».. علّم المحتكرين الأدب.. علمهم الانضباط.. وهكذا يمكن تكرار التجربة فى أمور كثيرة ليس آخرها سوق السيارات!.
حملة «خليها تصدى» لم تعتمد على وسائل الإعلام الرسمية.. اعتمدت على الإعلام البديل.. مؤخراً حملات اجتماعية كثيرة نجحت.. قصة الحاجة صفية، التى اهتم بها الرئيس.. قصة طفل البلكونة قلبت الدنيا.. فلماذا لم تتدخل الدولة لدعم حملة «خليها تصدى»؟.. هل تخشى أن تعطيها شرعية؟!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع