بقلم - محمد أمين
أحياناً لا يجد المرء تعبيراً مناسباً عن الفرحة.. شخصياً لا أعرف تعبيراً جديداً لفوزنا ببطولة أمم أفريقيا، وفوز صلاح للمرة الثانية بلقب الأفضل.. هناك من يقول إنه صانع البهجة.. ومن يقول إنه سفير مصر فوق العادة.. ومنهم من يقول إنه «رمز القوة الناعمة» الآن.. كل هذا جائز طبعاً، لكنه لا يكفى.. فقد كانت عندنا فرحتان.. وعقبال فرحة إحراز «كأس الأمم»!.
ولا أعرف إن كان مسموحاً باستثمار فوز صلاح للتنشيط فى مجال السياحة أم لا؟.. ولا أعرف إن كان ذلك يعرضه لعقوبات أم لا؟.. لكن ما أعرفه أن الوزيرة رانيا المشاط يمكن أن تستثمر هذا الفوز الكبير.. ويمكن أن تستفيد من الفرعون.. نحتاج إلى تسويق مقاصدنا السياحية، وتسويق مصر سياسياً واقتصادياً.. نريد عودة السياحة والاستثمار اليوم قبل الغد!.
ولا أخفى، فى غمرة هذه السعادة، أن أقول إننى لا أريد محمد صلاح وحده على الساحة.. أريد عشرات النسخ الرائعة من محمد صلاح فى العلوم والآداب وسائر أنواع الرياضات والسياسة أيضاً.. فبالتأكيد نحن لا نحب صلاح لأنه لاعب موهوب فقط.. إنما نحبه أيضاً لأنه قدم نموذجاً أخلاقياً واجتماعياً وإنسانياً بمعنى الكلمة، يخدم قريته «مسقط رأسه» ويخدم الوطن!.
وبالتأكيد فإن محمد صلاح ليس فقط صانع البهجة للمصريين، ولكنه ظاهرة إنسانية اهتمت به صحف العالم أيضاً.. وتم تكريمه عالمياً بوضع حذائه فى المتحف.. إنه حذاء الفرعون الذى أسعد العالم.. ولكن يبقى الفرق بيننا وبين الغرب أنه لم يهتم بصلاح فقط.. وإنما اهتم بالقدر نفسه بكل الألعاب.. واهتم بالعلوم والآداب والصناعة، كما يهتمون بالرياضة بالضبط!.
الفرحة حلوة فعلاً.. نريد أن تعم الفرحة كافة المجالات.. نريد علماء على طريقة زويل، وأدباء على طريقة نجيب محفوظ.. ونريد رياضيين على طريقة مو صلاح.. مصر تستحق الكثير.. نريدها أن تعبر محنة السنوات العجاف بعد ثورة 25 يناير.. نريدها أن تنجح سياسياً على مستوى الحريات.. ونريد أن ننجح اقتصادياً فلا نعيش أزمات الخضار والبطاطس مرة أخرى!.
ويا ريت نستفيد من «حالة الإلهام» التى صنعها صلاح.. ولا يعنى هذا أن يصبح أولادنا لاعبى كرة.. إنما نتفوق فى مجالات أخرى.. أعرف أننا شعب يحب المحاكاة.. نتاجر مثل بعض، ونزرع مثل بعض.. نزرع البطاطس إذا نجح الموسم.. ونزرع الطماطم حتى نجعلها سماداً للأرض.. ونفتح المحال متجاورة حتى نخسر جميعاً، ونلعب كرة قدم مثل صلاح!.
وباختصار، سيبقى صلاح صانع البهجة.. وسيبقى مصدر إلهام للملايين.. ولكن لا تقلدوه ولا تنتظروا من أولادكم أن يكونوا مثل صلاح.. فمن الممكن أن يكونوا مثل «زويل» أو «نجيب محفوظ» أو محمد العريان.. ومن الممكن أن يرفعوا علم مصر فى محافل علمية وليست رياضية!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع