بقلم : محمد آمين
السؤال الذى يحير كل ست بيت فى رمضان هو: أطبخ إيه؟.. حاجة تزهق، وتخنق.. الأيام الأولى كانت احتفالية وعملت المحشى والبط خلاص.. تعمل إيه تانى؟.. طيب تعمل فراخ ولا لحمة؟.. بسلة ولا فاصوليا؟.. ثم تذهب لتشاهد برامج الطهى وترجع فى النهاية لتعمل صينية بطاطس.. وقد تتصل الزوجة بصديقة لها على سبيل التذكرة، او تتصل بأمها لتأخذ منها فكرة.. ومع ذلك ستعود إلى نفس الحيرة فى اليوم التالى، وهكذا يحار من يكتب كل يوم؟
ست البيت حائرة ماذا تطبخ؟ والكاتب اليومى حائر أيضاً فى ظل ظروف النشر: ماذا أكتب؟.. هل يكتب عن الكورونا؟.. الناس زهقت وتريد أن تنسى وتخرج من المحبس الاختيارى.. هل يكتب عن رمضان؟.. هل يكتب عن قرار الاقتراض الجديد من صندوق النقد؟ وبأى طريقة يكتب ذمًا أم مدحًا؟.. هل يكتب عن كرة القدم؟، لم تعد هناك دوريات ولا كرة؟.. هل يحث المسؤولين على عودة الدورى؟.. هم لا يحتاجون أى مناشدة.. الرياضة نوع من الاشتغالة وقت اللزوم!
حيرة لا يحسها أى أحد.. ست البيت لجأت فى النهاية إلى الإنترنت، وعملت صينية بطاطس بالفراخ وسلطة وشوربة وقفلت اليوم والسلام.. أما الكاتب فلا يستطيع أن يلجأ إلى أى أحد.. فالأفكار لا تؤخذ ولا تسلب.. الموضوعات مطروحة أصلاً ولكنها شائكة.. والكتابة أولاً واخيراً وسيلة للنقد بهدف تغيير الواقع.. وهناك من لا يطيق كلمة نقد.. طيب أكتب إيه؟.. أعمل صينية بطاطس بالفراخ أنا كمان ولا إيه؟.. أم أعمل كبدة وأحمر بطاطس وشوربة؟!
الكتابة فى أى شىء غير الموضوعات المطروحة، عند البعض، نوع من الهروب.. والكاتب لا يصح أن يهرب ولابد أن يطرح أفكاره لنعرف اتجاهاته.. وعندهم حق فالكتابة ليست رفاهية.. ولا هى نوع من شغل الفراغ.. فماذا تقول فى عودة الاقتراض من صندوق النقد؟.. هل أنت معه؟.. البنك المركزى يقول: ولماذا لا نستفيد من ميزة الفائدة المنخفضة الممنوحة الآن؟.. هل سيتم اقتراض 12 ملياراً أخرى؟.. أليس اقتصاد مصر من أحسن الاقتصادات الناشئة؟!
هل أترك كل هذه الموضوعات المحلية، وأذهب إلى كوريا الشمالية لأكتب عن مصير الزعيم؟.. السؤال: هل مصير الزعيم أهم من مصير المصريين تحت رحمة صندوق النقد الدولى؟.. وما يضيرنى مات الزعيم أم قتل، اختفى أم تتولى أخته القيادة بعده وهى الأشد قسوة فى عائلة كيم الجد كلها؟!.. وبالمناسبة، فالقيادة فى كوريا وراثية لا علاقة لها بالانتخابات ولا الشعب ولا البرلمان ولا الجيش.. خليفة كيم من العائلة شبه المقدسة.. والشعب لا علاقة له بمن يأتى ومن يمضى!
أكتب إيه؟.. أطبخ إيه؟.. كان السؤال لا يشغلنى من قبل.. ولا أريده أن يشغلنى مستقبلاً.. القصة ليست كيف أكتب؟.. القصة ماذا أكتب؟.. وإن كانت ست البيت تحل مشكلتها بصينية بطاطس، فالكاتب لا يستطيع!