بقلم - محمد أمين
كيف نحقق معدلات نمو مرتفعة فى مصر؟.. هل نبدأ برفع كفاءة الأصول، وتشغيل «الطاقات المعطلة»، أم بضخ استثمارات جديدة؟.. هذه هى الفكرة التى طرحها وزير المالية الأسبق الدكتور أحمد جلال.. وأتفق معه أنه من الخطأ الربط بين الاستثمار والنمو.. فالأصل هو رفع كفاءة الأصول وتشغيل الطاقات المعطلة، وبالتالى تزداد معدلات النمو، وتعود على المواطن!
والوزير أحمد جلال يرى أن فكرة الربط بين الاستثمار والنمو رسخت فى الأذهان إلى الحد الذى دعانا إلى إنشاء «وزارة للاستثمار».. ويتساءل: هل استخدمنا ما هو متاح من طاقات بشرية ومادية بكفاءة قبل الاندفاع فى هذا الاتجاه، خاصة أن استغلال الطاقات من شأنه زيادة معدلات النمو دون الحاجة للاقتراض، بما له من تأثير على استقلال القرار الوطنى؟!
وأظن أنها ليست المرة الأولى التى يتحدث فيها «جلال» عن فكرة استغلال الطاقات المعطلة.. فقد أجرى حواراً لـ«المصرى اليوم» منذ قرابة عامين، وأكد فيه نفس الفكرة.. وصرح بذلك فى حوارات تليفزيونية.. إذن نحن لم نكن فى حاجة إلى وزارة استثمار، ولكن نحن فى حاجة إلى «وزارة تشغيل».. مهمتها إدارة الأصول، بحيث لا نهملها ثم تتم «تصفيتها»!
وبالمناسبة، فالرجل لا يدعو إلى الاستغناء عن الاستثمارات الجديدة أبداً، سواء كانت محلية أو أجنبية، إنما يدعو إلى الاستفادة بشكل أكبر بما تم استثماره فى الحجر والبشر، فلا يصح أن تكون لدينا 60% من طاقات المصانع معطلة، ثم ننشئ مصانع جديدة؟.. ويتساءل: لماذا يهدر المجتمع موارده الشحيحة أصلاً، ويتكالب فى الوقت نفسه وراء «الاستثمارات الجديدة»؟!
وأعتقد أن الفكرة قابلة للمناقشة والتطبيق.. وساعتها يمكن أن نتكلم عن رفع كفاءة العمال وعوامل الإنتاج، وهو الطريق الحقيقى للتقدم والاستقرار.. وهو ما يقودنا إلى الإصلاحات الهيكلية، والعودة للتعليم الفنى والمهنى.. ثم نبدأ الحديث عن فكرة التراخيص.. أى تراخيص لكل شىء.. من أول المستشفى والمدرسة والاستيراد والبناء والنقل والطيران وخلافه!
معلوم أن فكرة الترخيص هى «السلاح» الذى تملكه الدولة، وتمنحه للأطباء والمحامين والإعلاميين والقضاة والمحاسبين وغيرهم.. ولكى تمنحه لابد أن يمر عبر اختبارات ودراسات ومؤهلات.. وبالتالى تحدث عملية الهيكلة ورفع الكفاءة.. وكانت لدينا فرصة ذهبية عند صياغة الدستور.. فالدستور الأمريكى لا يمنح الرخصة لأحد إلا عن جدارة واستحقاق ودراسة ومؤهلات!
وأخيراً من المهم التذكير بمقال الوزير أحمد جلال.. لأنه ركز على أشياء يمكن أن نفعلها دون حاجة إلى قروض.. ودون حاجة إلى استثمارات.. فهى من ناحية تفتح الباب لاستغلال الطاقات، وتؤدى إلى نمو صحى غير تضخمى.. أما الاستثمارات فهى تؤدى إلى نمو تضخمى، كما حدث للأسف!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع