بقلم - محمد أمين
لم يقصد الرئيس فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف أن يقول إننا شعب كذاب؟.. ولم يقصد أن يشوه صورة مصر إطلاقاً.. إنما أراد أن يستغل الفرصة فى وجود رجال الدين، ويقول: علموا الناس الفضيلة.. وحين قال: كم من المصريين لم يكذب؟!.. كان يريد أن نكون صادقين.. فالرئيس يأتى من خلفية عسكرية انضباطية، ويريد أن يكون الشعب «منضبطاً» وصادقاً!
فهل نحن شعب يكذب فعلاً؟.. وكم من الشعب يكذب؟.. أيهما يكذب أكثر الرجل أم المرأة؟.. الموظفون أم ستات البيوت؟.. من يراوغ ويلاوع أكثر؟.. هل نحن شعب فهلوى؟.. ما هى طبيعة الشخصية المصرية بالضبط؟.. هناك دراسة اجتماعية تقول إن 55% من المصريين يحبون الكذب.. وزارة التنمية الإدارية هى التى أجرت الاستطلاع، وتوصلت لهذه النتيجة المؤسفة!
فلم يُذع الرئيس سراً حين تساءل فى الاحتفال.. بالتأكيد كان يريد البحث عن حل.. كان يوجه اتهاماً لرجال الدين، أنهم لا يقومون بواجباتهم.. هذه الخصلة تؤدى إلى تراجع الإنتاج.. تؤدى أيضاً إلى التلفيق.. وللأسف الدراسات الاجتماعية تؤكد الفكرة.. الاستطلاع الحكومى قال إن الرجال يعتادون الكذب أكثر من النساء، ولا يخجلون أن يكذبوا ويرون أنه أمر طبيعى!
وتعالوا نتعرف على ملامح الدراسة.. تقول الدراسة إن الرجل يكذب نحو 1.092 كذبة فى الشهر بالمعدّل، فى حين أن المرأة المصرية تكذب «فقط» 728 مرة فى الشهر.. وليس مفاجئا أنّ 33% من الكذبات تتعلق بالزواج السابق، 30% بالشؤون الشخصية، 20% بتعاطى السجائر والمخدّرات و17% بتنفيذ جرائم ومخالفات قانونية أياً كانت المخالفات طبعاً!
وتشير الدراسة إلى أن المصريين مستعدّون للكذب على شركائهم، أطفالهم، أقاربهم، زملائهم فى العمل بل وحتى على أصدقائهم المقرّبين.. وتقول إن الآثار الاجتماعية لعدم قول الحقيقة كارثية. وقد سُجّلت فى سنة واحدة 13 ألف حالة طلاق فى عام 2015، بسبب كذب أحد الزوجين أو كليهما، بالإضافة إلى 1.200 حادثة قتل أيضًاً نتيجة للأكاذيب الزوجية المتكررة!
ولك أن تتخيل مثلاً أن حجم الخسائر السنوية نتيجة الكذب المتعلق بالتأخر عن العمل، الغياب المتكرر، واختلاس الأموال، أكثر من 55 مليون دولار.. وأظن أن هذا الرقم يمكن أن يتضاعف لو أنه كان على شريحة أكبر.. فالذين يوقعون فى الدفاتر ويغادرون العمل مباشرة أكبر بكثير من هذا الرقم.. وطبعا يمكن التفرقة بين أكاذيب اجتماعية يومية وأكاذيب تخص العمل!
فما قاله الرئيس كان يقصد به تأثير الكذب على الأداء الحكومى، وكان يقصد تراجع معدل النمو، بسبب الهروب من العمل، والفساد، والرشوة.. ولذلك قال «أنا بشوف العجب وأنا بدير الدولة».. وفى كل الأحوال لقد فجر الرئيس قضية خطيرة.. «شعوب لا تكذب هى شعوب متقدمة بالضرورة»!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع