توقيت القاهرة المحلي 23:03:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأمومة المصرية.. مفهوم مغاير

  مصر اليوم -

الأمومة المصرية مفهوم مغاير

بقلم : أحمد الجمال

 كتلميذ كسول، تراكمت على العبد لله موضوعات الكتابة التى كنت أؤجلها لحين ميسرة، فى الوقت، وفى مساحة النشر، وفى تدافع الأحداث اليومية.

وما إن عزمت على البدء فى الوفاء بما أجلته دهمنى عيد الأم الذى تحول إلى ملف آثرت إدارة تحرير «المصرى اليوم» أن تومئ إلى من يكتبون على صفحاتها بأن يساهموا فيه، ولم أكن لتفوتنى فرصة المشاكسة والمناوشة، فهاتفت الكاتب الصحفى المتميز الأستاذ محمد السيد صالح، رئيس تحرير المصرى اليوم، مستفسرا عن مصير الكاتب الذى لن يشارك فى تنفيذ درس الإنشاء المقرر اليوم، وانعطف الحوار إلى وجاهة فكرة وأسلوب الملفات الصحفية التى تخطط لها الصحف، كلما احتدم الحوار والخلاف حول قضية من القضايا الفكرية أو الثقافية أو الاجتماعية وأحيانا السياسية.

وكان الرجل كريما كعادته؛ إذ تقبل الحوار، وكان أن امتثلت بينى وبين نفسى للدعوة، وقررت أن أؤجل الكتابة فيما تراكم عندى من موضوعات، حتى صرت ذلك التلميذ الكسول الذى يؤجل واجب اليوم إلى الغد.. وربما أبدأ الأسبوع المقبل فى الكتابة عن الذكريات التى سجلها صديقى البروفسور أستاذ القلب المرموق شارل بشرى بعنوان «الخروج من قندهار»، وأكتب أيضًا عن كتاب أهدته لى الأستاذة الدكتورة آمال حلمى سلام، وهو عن علاقة أبيها الأستاذ الصحفى الكبير حلمى سلام- رحمه الله- بثوار يوليو، ثم عن كتاب هو رسالة جامعية متميزة عن السادات ومعاهدة كامب ديفيد للباحثة السيدة فاتن عوض، التى تكرمت بإهدائه لى، وفيه- وبمنهج علمى يعتمد على الوثائق والشهادات المعاصرة- تقدم تحليلًا للمعاهدة ورصدًا لمقدماتها وخلفياتها ومسارها وخباياها الرهيبة.. ثم كيف لى أن أتجاوز عما كتبه الصديق الدكتور عبدالمنعم سعيد فى مقاله بالمصرى اليوم بعنوان «الجغرافيا الاقتصادية لمصر» ونشر يوم 12 /3 /2018، وفيه أتى على ذكر اسمى مع الأستاذ عبدالله السناوى!

كل ذلك أجلته لأكتب عن الأم، وأبدأ بما تعودت أن أستفتح به، وهو الضفيرة المتفردة التى خص بها المصريون أنفسهم دون بقية البشرية.. ضفيرة الأمهات الطاهرات الثلاث.. أم حورس.. وأم النور.. وأم هاشم.. وكلهن عند المصريين طاهرات، رغم أن الثالثة، السيدة زينب بنت الإمام على وفاطمة الزهراء، تزوجت وأنجبت، وبالتالى فإن الطهر عند المصريين لا يعنى البتولية والعذرية فقط، وإنما يتجاوزهما إلى التضحية والفداء والصمود فى مواجهة الشر والظلم.

لقد تمكن إله الشر «ست» من أن يفتك بإله الخير والنماء «أوزيريس» ومزق جثمانه قطعًا بعدد أفرع النيل، وكان أن انتفضت إيزيس وسعت لجمع أشلاء زوجها، وأعادت لحمتها، وتمددت إلى جوارها، فحملت حملا معنويا فى حورس الذى نذرته لمقاومة الشر، وفاضت دموعها، فكان فيضان النيل من تلك الدموع!

وتمكن اليهود من تحريض الرومان على الفتك بالمخلّص يسوع، له المجد، بعد أن استطاع أن يواجه اليهود، ويفحمهم بكشف زيفهم واتخاذهم من بيت الرب مغارة لصوص، وعندما انتهى أسبوع الآلام بمشهد الصلب كانت سيدتنا العذراء مريم التى اصطفاها الله، وطهرها ثم اصطفاها ثانية على نساء العالمين، تقف بين الجموع، وتبكى صامدة صابرة، وبقيت إلى أن انتهى المشهد لتتجه مع المجدلية للمكان الذى أودعوا فيه جسد السيد، له المجد، وكان ما كان، مما هو مذكور فى بعض الأناجيل.

أما أم هاشم، السيدة زينب، بنت الإمام على، فقد تمكن الشر والباطل الأمويان من الفتك بسيدنا الحسين، وكانت المذبحة الوحشية الرهيبة لآل البيت، وربما لا يعرف كثيرون أن من بين شهداء المذبحة كان الشاب عون بن عبدالله بن جعفر بن أبى طالب وابن السيدة زينب، التى فجعت فى أخيها سيد الشهداء وابنها وبقية آل البيت، ويذكر أن عوناً ابنها الشهيد ارتجز- وهو فى ساحة القتال- أبياتاً يقول فيها:

إن تنكرونى فأنا ابن جعفر

شهيد صدق فى الجنان أزهر

يطير فيها بجناح أخضر

كفى بهذا شرفاً فى المحشر

وصمدت زينب- التى لقبها المصريون بالطاهرة- لأنها صمدت، وصبرت، وواجهت، واستمرت فى المواجهة حتى بعد أن تم أسرها وبقية من تبقى من آل البيت إلى مجلس يزيد بن معاوية.. وبقية المأساة معروفة.

هكذا أسس المصريون مفهوما مغايرا للأمومة، إذ جعلوا صميم مضمونها هو قوة الأم وصمودها وقدرتها على تحمل الآلام وعلى الاستمرار بالحياة. ولذلك بقوا حتى الآن يتشفعون بالعدرا أم النور وبالطاهرة أم هاشم.. وبقيت الأم المصرية رمزًا عمليا للمضمون نفسه، ولو أن المساحة كانت تتسع لمزيد من الحديث لاستطردت فى سيرة أمهات عشت معهن وبينهن فى القرية وفى الحارة.. وأقسم برب العزة إنهن كن وبقين يمارسن الطهر بالعمل والشقاء والصبر والتضحية بغير حدود.

نقلًا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمومة المصرية مفهوم مغاير الأمومة المصرية مفهوم مغاير



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 23:18 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

علاج جيني جديد لفشل القلب يحقق نتائج مبهرة خلال التجارب

GMT 06:24 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

تقنيات عديدة يمكن استخدامها للدخول في النوم سريعًا

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:03 2019 الإثنين ,05 آب / أغسطس

ازمة في الاتحاد السكندري بسبب مواعيد الكأس

GMT 00:30 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

جماهير المصري تدعم الفريق قبل مواجهة النجوم

GMT 22:45 2024 الجمعة ,23 آب / أغسطس

قصي خولي يقدم برنامج "من سيربح المليون"

GMT 00:03 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

المصري يرفض الإستغناء عن بوسكا

GMT 21:20 2019 الخميس ,25 تموز / يوليو

سموحة يتعاقد مع الليبي محمد الترهوني

GMT 10:04 2018 الأحد ,08 تموز / يوليو

نجاح المصرى بالخارج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon