توقيت القاهرة المحلي 23:38:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عمرو حمزاوى والفريضة الواجبة

  مصر اليوم -

عمرو حمزاوى والفريضة الواجبة

بقلم: أحمد الجمال

لا أتذكر، عبر عدة عقود مضت، أن أحدًا أقدم على نقد أفكاره ومواقفه ومسلكه علنًا وعلى شاشة التليفزيون، مثلما فعل الدكتور عمرو حمزاوى، أستاذ العلوم السياسية والأكاديمى المرموق، الذى يعمل الآن فى مؤسسة أمريكية مهمة، ويتبوأ مركزًا وظيفيًا مهمًا.. أى أنه بالبلدى الفصيح ليس بحاجة إلى التزلف لأحد، ولا إلى البحث عن وظيفة، أو السعى نحو دور.
وقد جاء نقده الذاتى بهدوء واثق، تحدث فيه عن فترة ثورة يناير 2011، ولا أريد أن أكرر هنا ما قاله، لأنه موجود لمن يريد أن يشاهد ويسمع على «اليوتيوب» فى حلقات الأستاذ ضياء رشوان على إحدى المحطات الفضائية.

لم أكن شاهدت الحلقة أثناء بثها، وفى حوار مع أستاذ الأجيال فى العلوم السياسية، الدكتور على الدين هلال، الذى أشرف بالاقتراب منه خلال السنين القليلة الماضية، سألنى: «هل شاهدت حوار ضياء رشوان مع عمرو حمزاوى؟ إذا لم تكن فإننى أدعوك لمشاهدته، ولن أقول لك رأيى حتى تراه ونتكلم»، ومضيت متثاقلًا لليوتيوب وفوجئت بأن التثاقل يتحول تدريجيًا إلى تركيز وإنصات ومراقبة لقسمات وحركات المتحدثين، ثم انبهار بمدى الشجاعة التى تحلى بها الدكتور عمرو، ومدى الدقة فى رصد المواضع الفكرية والمسلكية التى فرضت عليه تأملها بعد أن بعدت المسافة الزمنية وأيضًا المكانية، وأوجبت عليه أن يستجيب لنداء ضميره الوطنى وتكوينه العلمى اللذين يفرضان على أى إنسان أن يبدأ بنفسه، إذا كان المقام مقام تصويب وسعى للحقيقة، وأيضًا مقام تقديم القدوة للأجيال الطالعة، خاصة إذا كان المرء أستاذًا جامعيًا مسؤولًا عن تكوين عقول الأجيال وصقل معارفها وتدريبها على الموضوعية والمنهج النقدى.

لقد مارس الدكتور حمزاوى، بل أحيا، فريضة غابت عن حياتنا بوجه عام، وحتى فى المجالات التى يفترض فيها أن يتمتع المنتمون إليها والمشاركون فيها بقدر من السمات التى لا تتوافر عادة فى مجالات غيرها، فإن الفريضة غابت ولم نسمع أو نشاهد زعيمًا حزبيًا أو شخصية عامة أو ناشطًا سياسيًا أو رئيسًا لجامعة وأعضاء هيئات تدريس أو صحفيين كبارًا وأصحاب أقلام يفترض أنهم يصوغون الرأى العام ويوجهونه، أو دعاة من ذوى اللحى الضخمة أو غير الضخمة وهلم جرا، يقدمون نقدًا ذاتيًا يذكرون فيه ما اقتنعوا بأنهم أخطأوا فيه أو انتقصوا من تفاصيله التى رأوا أنها لا تخدم هدفهم، أو تتفق مع وجهة نظرهم، أو ثبت أنه كان مبنيًا على معلومات مضللة أو ناقصة أو محرفة، سواء كان الخطأ فى فكرة أو حديث أو خطبة أو مظاهرة أو عمل مشترك مع آخرين.

ويمتد هذا النقد الذاتى إلى ما هو أيديولوجى أو مصلحى ويتعين أن يمارسه المرء، حتى إن مرت السنون فلا مجال لشماعة التقادم، فى أمور هى من صميم الحياة العامة، وترتبت عليها تطورات ثبت أنها أضرت بالوطن أو بالدولة أو بأحد عناصر الدولة، وهذا ما فعله الدكتور حمزاوى الذى كان يمكن أن يكتفى بالابتعاد المكانى والزمانى عن موقع الأحداث محل النقد، وأن يكتفى بما حازه من سمعة سياسية كناشط وقيادى سياسى فى الميدان إبان الثوة، وفى معظم ما ترتب عليها من أمور، جعله لامعًا تسلط عليه وعلى آرائه الأضواء، ثم يكتفى ويحتمى بما حققه فى الخارج، خاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية، وفى مؤسسات علمية وفكرية مرموقة.

وبالمناسبة فإن السؤال وارد عن كاتب هذه السطور، وقد كان فيما مضى له دور ما فى الحركة السياسية المصرية، حيث كانت الحركة الطلابية مطلع السبعينيات قلب تلك الحركة السياسية، وشغل مواقع حزبية وتنظيمية متقدمة، هل نقد نفسه ذاتيًا؟ وهل قدم التيار السياسى الذى انتمى إليه والأوعية الحزبية والتنظيمية المختلفة التى عبرت عن ذلك التيار نقدًا ذاتيًا؟ والإجابة عن نفسى- وليس عن غيرى- نعم، قدمت نقدًا ذاتيًا فى العديد من الجلسات السياسية، وأكتب هذا النقد الذاتى لنفسى، ولذلك التيار، فى مذكراتى التى أتمنى أن تنتهى وتصدر قريبًا.

لقد تمنيت أن يقدم الذين شاركوا فى التمهيد ليناير 2011، سواء فى الجامعات أو الأحزاب أو الجمعيات الأهلية، أو التكوينات التى ظهرت وقادت التحركات الشارعية، نقدًا ذاتيًا يضع النقاط على كثير من الحروف، التى هى أسئلة تبحث عن إجابات.. أسئلة بغير حصر، أهمها: كيف خذل الثوار الثورة؟.

تحية للدكتور حمزاوى الذى قدم نموذجًا محترمًا لممارسة الفريضة الواجبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمرو حمزاوى والفريضة الواجبة عمرو حمزاوى والفريضة الواجبة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:57 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية
  مصر اليوم - الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 06:17 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

تعرف على أجمل الأماكن السياحية في جزر السيشل

GMT 17:45 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

جي ام سي تطرح تيرين فيس ليفت 2022

GMT 17:26 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

العنف الاسري ارهاب بحق الامان الاجتماعي

GMT 15:03 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

مدرب يؤكد بيراميدز للاعبين أن مواجهة الأهلي حياة أو موت

GMT 12:14 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

الرئيس المصري السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon