توقيت القاهرة المحلي 02:10:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ستون عامًا على استقلال الجزائر

  مصر اليوم -

ستون عامًا على استقلال الجزائر

بقلم - أحمد الجمال

أمس 5 يوليو اكتملت ستون سنة على إعلان استقلال الجزائر عام 1962، لذا فالتهنئة واجبة، خاصة من الفئة التي عاصرت جزءًا من نضالات شعب الجزائر، ورفعت صور أبطاله، وتزاحمت على شبابيك تذاكر «الترسو» في دور السينما بالأقاليم ليشاهدوا فيلم «جميلة بوحيرد»، وقد انتميت لتلك الفئة.
وأسعدنى القدر بأن التقيت الرئيس أحمد بن بلة عدة مرات، كانت الأولى بعد خروجه من السجن، الذي اقتربت مدته من عشرين سنة، وجاء إلى زيارة للشارقة، ووصل أيضًا في الوقت نفسه من قضى في السجن أحد عشر عامًا السيد محمد فائق، وكنت آنذاك أعمل صحفيًا وأكتب عمودًا يوميًا في صحيفة «الخليج»، وكان مهرجانًا وحدويًا حافلًا بالمعانى العميقة والعواطف المتدفقة.

وكان آخر لقاء في منزله المتواضع بالقرب من جنيف بسويسرا، حيث دعانا للغداء، وكنت بصحبة السيد محمد فائق والمرحوم محمد عروق، وإذ كنت في حالة جوع شديد، منيت نفسى بغداء رئاسى فخيم، وإذا بالوجبة كوجبات درجة الترسو أو السياحى في الطائرات.. نصف ربع دجاجة وملعقتين من السوتيه ومثلهما سلطة، والحلو برتقالة، ثم شاى، وسمعته بأذنى وهو يحكى عن ذكريات النضال الذي انخرط فيه مع زملائه من جبهة التحرير.

وكانوا عند لحظة القبض عليهم حفاة بدون أحذية، وبملابس خفيفة شبه بالية وبأسلحتهم، ثم أخذت نبرته وتيرة الحزن والأسى وقال: «لذلك كلما رأيت أبوعمار وزعماء المقاومة الفلسطينية يستخدمون أحدث طرازات المرسيدس ويعيشون في رغد نسبى حزنت، لأنهم لن يستطيعوا الانتصار وتحرير أرضهم وإقامة دولتهم، لأن الثورات لا ينجزها إلا الذين يلتصق جلد أقدامهم بالأرض».

احتلت فرنسا الجزائر عام 1832، ولم يستكن الشعب الجزائرى، فتصدى بقيادة الأمير عبدالقادر الجزائرى، وبدأت المقاومة، وترك الأمير مقعد خلافة والده على رأس أكبر طريقة صوفية، واستطاع عام 1837 أن يضع أسس دولة جزائرية، وبدأ يبنى جيشًا ويسك عملة، ولكن وحشية الاحتلال وقسوته وتفوقه في السلاح والعدد والخبرات هزمت الأمير عبدالقادر، وحملوه لفرنسا وحُكم بسجنه لخمس سنوات، ثم خرج وتوجه لدمشق وأدى دورًا قوميًا عظيمًا، حتى توفى ودفن هناك، ثم نقلت رفاته عام 1966 إلى الجزائر.

وحسب الوقائع التاريخية في حقب الاستعمار القديم، البريطانى والفرنسى خاصة، فإن الأخير اتسم بالشراسة والإصرار على تغيير هوية وثقافة البلاد التي يحتلها، والعنف الشديد مع أي مقاومة وبغير أدنى مبالاة بعدد الضحايا، حتى إننا نجده يرتكب المجازر- بالمعنى الحرفى للكلمة- في الجزائر، وكانت إحدى ذرى تلك المجازر مجزرة 8 مايو 1945 ضد المظاهرات السلمية التي خرجت للمطالبة بالاستقلال، ويقدر عدد الشهداء القتلى من الجزائريين بين خمسة وأربعين ألفًا وسبعين ألف شهيد، وكان أول الشهداء هو الشاب «بوزيد سعال» الذي كان في الثانية والعشرين من عمره.

ورغم ذلك، ومع الإصرار والاستمرار، ومع تصاعد حركة التحرر الوطنى العربى والعالمى، وحيث كانت مصر- آنذاك- في القلب منها، ولها دور غير منكور؛ انتصر الشعب الجزائرى وأقيمت حكومة مؤقتة، ثم كان انتخاب أول رئيس جزائرى هو أحمد بن بلة، الذي استمر في الرئاسة فترة قصيرة من 15 سبتمبر 1963 إلى 19 يونيو 1965، حيث تحرك رفيق نضاله، ووزير دفاع الجزائر، والرجل الثانى في الحكم؛ وأزاحه ووضعه في السجن.

وأيًا كانت الأسباب وكان المسار بعد ذلك، إلا أن ظاهرة الرجل الثانى قفزت إلى الصدارة بعد أن أزيح الرئيس الإندونيسى أحمد سوكارنو على يد نائبه سوهارتو، وأزيح الرئيس الغانى كوامى نكروما، مؤسس غانا وقائد نضال شعبها للاستقلال، على يد وزير دفاعه في 24 فبراير 1966.. وكان ثمة صراع صامت في مصر بين الرئيس عبدالناصر والرجل الثانى عبدالحكيم عامر، وفى ذلك وقائع ضمن مسار مؤلم انتهى بالنكسة التي انتهت بالصمود والاستنزاف والانتصار في أكتوبر.

ويبقى استقلال الجزائر بعد احتلال دام مائة واثنتين وثلاثين سنة ملحمة إنسانية فريدة وخالدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ستون عامًا على استقلال الجزائر ستون عامًا على استقلال الجزائر



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:57 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية
  مصر اليوم - الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 06:17 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

تعرف على أجمل الأماكن السياحية في جزر السيشل

GMT 17:45 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

جي ام سي تطرح تيرين فيس ليفت 2022

GMT 17:26 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

العنف الاسري ارهاب بحق الامان الاجتماعي

GMT 15:03 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

مدرب يؤكد بيراميدز للاعبين أن مواجهة الأهلي حياة أو موت

GMT 12:14 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

الرئيس المصري السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon