بقلم : جيهان فوزى
ما هو سقف الضغوطات والعقوبات الأمريكية ضد الفلسطينيين والرئيس محمود عباس؟ وإلى أى مدى يمكن أن يأخذ الشطط بقرارات الرئيس الأمريكى تجاه تدمير ما تبقى من القضية الفلسطينية حتى يستطيع تنفيذ خطته المسماة بـ«صفقة القرن»؟ إدارة «ترامب» بالإجراءات العقابية غير المسبوقة التى تمارسها بحق الفلسطينيين والسلطة والتى بدأت بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ثم تبعها قطع المساهمة المالية للأونروا المسئولة عن غوث وتشغيل وتعليم الفلسطينيين فى أماكن وجودهم، ثم إغلاق مكتب منظمة التحرير فى واشنطن، بما يعنى أن واشنطن حسمت أمرها بممارسة الضغط على المنظمة، إنما تسعى إلى تحقيق واحد من أمرين أو كليهما: الأول جر منظمة التحرير إلى المفاوضات مع إسرائيل الذى انقطع لأكثر من أربع سنوات على أسس جديدة مختلفة كلياً عن الأسس التى بنيت عليها المفاوضات طوال العقدين الماضيين، والثانى أن تساهم فى تعزيز التحرك الإسرائيلى نحو فرض الحل النهائى بقوة الأمر الواقع بغض النظر عما إذا كان الفلسطينيون سيوافقون أو سيشاركون فيه.
بالنسبة للفلسطينيين فإن الاستراتيجية للتحرك السياسى منذ تولى محمود عباس السلطة تستند على محور واحد وهو اللجوء إلى المجتمع الدولى والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الملحقة بها، وهو محور ضعيف عديم التأثير، لأنه إذا لم يترافق هذا التحرك الدبلوماسى مع حركة جماهيرية سلمية تتخذ من المقاومة الشعبية أسلوب عمل كفاحى يومى فإن التحرك الدبلوماسى لن يثمر شيئاً ولن يقود لأى نتيجة، أما التهديدات التى لطالما أطلقها «أبومازن» بحل السلطة الفلسطينية وتسليم مفاتيحها إلى إسرائيل وقطع العلاقات والتنسيق الأمنى معها، فمن الواضح أنها غير واردة على الإطلاق، بدليل صدور قرارات عديدة من المجلس الوطنى والمجلس المركزى ومؤتمرات حركة فتح واجتماعات الفصائل الداعية لوقف التنسيق الأمنى مع إسرائيل وتوسيع المقاومة الشعبية التى لم يأبه بها «أبومازن» ولم ينفذ أى قرار منها. فما يحدث على الأرض أن التنسيق ما زال مستمراً بدليل تصريحات للجيش الإسرائيلى قبل أيام تؤكد إحباط أكثر من ثلاثة آلاف عملية بالتنسيق مع أجهزة أمن السلطة! فما زالت سلطة «عباس» تعرقل أى تحرك جماهيرى واسع ضد الاحتلال.
دولياً وإقليمياً لا أمل. فإذا كان أصحاب القضية صامتين فلماذا يتحرك المجتمع الدولى؟! ولماذا نتوقع من العرب أن يكونوا أكثر حرصاً وإيماناً من الفلسطينيين بقضيتهم؟! هذه الحقائق فى جوهرها صادمة. إذ باستطاعة الرئيس الفلسطينى خداع شعبه باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن وهو يعرف يقيناً أن الأمل معدوم تماماً فى قدرة هذه المنظمات على إرغام إسرائيل على تغيير سياساتها أو ردعها أو حتى الزامها بقرارات الشرعية الدولية التى صدرت بشأن القضية الفلسطينية وهو أضعف الإيمان.
أما قطاع غزة فغالباً ستوقع «حماس» هدنة طويلة الأجل مع إسرائيل رغم فشلها الراهن بسبب موقف «أبومازن»، لكن تقاطع المصالح بين «حماس» ومصر سيعطى دفعة قوية للجهود الخاصة للوصول إلى هدنة طويلة الأجل رغم التلويح الإسرائيلى المستمر بشن حرب تدميرية على غزة ستغير وجه التاريخ! خلاصة القول فإن القضية القومية الفلسطينية تمر بمرحلة مخاض عسير شديد الصعوبة والتعقيد، حيث إن كل المفاهيم القديمة المتعلقة بحل الدولتين يجرى تدميرها الآن دون طرح حل بديل، فقد أطلقت الولايات المتحدة بالونات اختبار بفكرة الكونفيدرالية الفلسطينية - الأردنية وواجهت هذه الفكرة رفضاً فورياً ونهائياً من الأردن والفلسطينيين، وبالتالى فلا فرصة أمام هذه المبادرة للنجاح، لأنها غير واقعية فلا توجد دولة فلسطينية ذات سيادة لتنشئ اتحاداً كونفيدرالياً مع الأردن، فضلاً عن أن الأردن لا ينوى التورط بأى حال فى مشروع يحمله أعباء القضية الفلسطينية ويجعل منه وطناً بديلاً.
نقلًا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع