توقيت القاهرة المحلي 07:37:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سادة السحر الأسود

  مصر اليوم -

سادة السحر الأسود

بقلم : جيهان فوزى

نحن نعانى من مشاكل ذات نوع جديد، مشاكل جيل يفكر ويفسر لكنه لا يتعمق ولا يتثقف، جيل يطارد أشباح التكنولوجيا لكنه لا يبذل جهد البحث والتأمل والتفتيش عن الحقيقة، جيل يتحامل على المجتمع وينقم على سلوكه المتناقض ويرفض تفكيره المستسلم المتخاذل فيعصى كل ما هو مألوف ويتمرد على كل الأعراف، نحارب التطرف وبذرة التطرف غرست فى عقول أولادنا سواء كانت بالجنوح نحو التشكيك والعبث فى الثوابت، أو الإغراق فى التدين دون تفكير، وبين هذا وذاك تاهت الوسطية وتوارى الاعتدال فى خضم صراعات الطرفين لتخرج أفكار مشوهة مبتسرة لا تملك أرضية راسخة، وبينما ننشغل باللهاث خلف مشاكل الحياة وصعوباتها نصطدم بجدار أصم من شطط الأفكار وتوغلها فى عقول أبنائنا، نقف عاجزين عن مجاراتها رفضاً أو قبولاً.

نصاب بصدمة التغيير الذى اكتسح السلوك والتصرفات فى رحلة البحث عن الذات وتكوين الشخصية، بين ما يصدره الغرب من ثقافة وأفكار تبدو براقة، وبين معتقداتنا وثقافتنا وأخلاقنا التى نشأنا عليها وسرنا على خطاها فضاعت الهوية وتشتتت القيم فى صراع الممكن والمستحيل، ظاهرة الانجراف نحو التحرر من كل قيود المجتمع باتت تشكل تهديداً لكل بيت، عاصفة عاتية لا يعرف رب البيت تطويعها أو إعادة تشكيلها، وأصبح الهدف كيفية المحافظة على المتبقى من الثوابت، الغرب يصدر أسوأ ما لديه عامداً متعمداً، حقيقة نعلمها جيداً لكن الاختيار يبقى لنا أن نفتح أبوابنا أم نغلقها أمام هذا الطوفان الذى لا يريد لنا خيراً، بل يسعى لفرض إرادته وتشويه إرادتنا.

فى ثمانينات القرن الماضى صدر كتاب بعنوان «سادة السحر الأسود» يتحدث عن تجربة المخابرات الأمريكية فى تطويع الجنود الأمريكان فى الحرب على فيتنام، وكيف عملت المخابرات الأمريكية بكل وسائل التكنولوجيا على غسل وبرمجة عقول الجنود بما يتوافق ومصالحها لتحولهم إلى مجرمين معدومى الإحساس قاتلين بلا رحمة ولا تفكير حتى تتمكن من كسب المعركة، يشرح الكتاب كيفية الدخول إلى العقل البشرى وتطويعه دون أن ينتبه الشخص بأنه يبرمج وتغسل دماغه للوصول إلى الهدف، وبعد عقود من صدور الكتاب ما زال الغرب يتبع نفس الوسائل إذا كان الهدف تحطيم إرادة شعب وتقزيمه وانهيار ثوابته، ربما نستخف بما يحدث الآن، بما يدور فى أذهان شبابنا من أفكار وسلوكيات ونعتبرها من متطلبات المرحلة الضبابية التى نعيشها، صحيح أن هناك العديد من العوامل التى تجعل من شبابنا أسرى لأى فكر يريح هواجسه، غير أن الوعى بما يحاك من حولنا بات ضرورة ملحة، بالتوعية والتنوير والبحث والقراءة والتحرى والاطلاع على الثقافات المتنوعة، لأن انهيار المجتمع يبدأ بانهيار قيمه وثوابته وضياع هويته، والشريحة الأكثر تأثراً وتأثيراً هى الشباب، لا يكفى تشريع القوانين الرادعة لأنها أثبتت فشلها أو الحبس على الفكر بدعوى إشاعة البلبلة وتكدير السلم المجتمعى لأنها غير كافية لترسيخ قيم ومعتقدات يتمرد عليها أصلاً، فهو جيل خرج من رحم الضياع والتناقض وفساد المناخ السياسى والاجتماعى.

نقلًا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سادة السحر الأسود سادة السحر الأسود



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon