توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سادة السحر الأسود

  مصر اليوم -

سادة السحر الأسود

بقلم : جيهان فوزى

نحن نعانى من مشاكل ذات نوع جديد، مشاكل جيل يفكر ويفسر لكنه لا يتعمق ولا يتثقف، جيل يطارد أشباح التكنولوجيا لكنه لا يبذل جهد البحث والتأمل والتفتيش عن الحقيقة، جيل يتحامل على المجتمع وينقم على سلوكه المتناقض ويرفض تفكيره المستسلم المتخاذل فيعصى كل ما هو مألوف ويتمرد على كل الأعراف، نحارب التطرف وبذرة التطرف غرست فى عقول أولادنا سواء كانت بالجنوح نحو التشكيك والعبث فى الثوابت، أو الإغراق فى التدين دون تفكير، وبين هذا وذاك تاهت الوسطية وتوارى الاعتدال فى خضم صراعات الطرفين لتخرج أفكار مشوهة مبتسرة لا تملك أرضية راسخة، وبينما ننشغل باللهاث خلف مشاكل الحياة وصعوباتها نصطدم بجدار أصم من شطط الأفكار وتوغلها فى عقول أبنائنا، نقف عاجزين عن مجاراتها رفضاً أو قبولاً.

نصاب بصدمة التغيير الذى اكتسح السلوك والتصرفات فى رحلة البحث عن الذات وتكوين الشخصية، بين ما يصدره الغرب من ثقافة وأفكار تبدو براقة، وبين معتقداتنا وثقافتنا وأخلاقنا التى نشأنا عليها وسرنا على خطاها فضاعت الهوية وتشتتت القيم فى صراع الممكن والمستحيل، ظاهرة الانجراف نحو التحرر من كل قيود المجتمع باتت تشكل تهديداً لكل بيت، عاصفة عاتية لا يعرف رب البيت تطويعها أو إعادة تشكيلها، وأصبح الهدف كيفية المحافظة على المتبقى من الثوابت، الغرب يصدر أسوأ ما لديه عامداً متعمداً، حقيقة نعلمها جيداً لكن الاختيار يبقى لنا أن نفتح أبوابنا أم نغلقها أمام هذا الطوفان الذى لا يريد لنا خيراً، بل يسعى لفرض إرادته وتشويه إرادتنا.

فى ثمانينات القرن الماضى صدر كتاب بعنوان «سادة السحر الأسود» يتحدث عن تجربة المخابرات الأمريكية فى تطويع الجنود الأمريكان فى الحرب على فيتنام، وكيف عملت المخابرات الأمريكية بكل وسائل التكنولوجيا على غسل وبرمجة عقول الجنود بما يتوافق ومصالحها لتحولهم إلى مجرمين معدومى الإحساس قاتلين بلا رحمة ولا تفكير حتى تتمكن من كسب المعركة، يشرح الكتاب كيفية الدخول إلى العقل البشرى وتطويعه دون أن ينتبه الشخص بأنه يبرمج وتغسل دماغه للوصول إلى الهدف، وبعد عقود من صدور الكتاب ما زال الغرب يتبع نفس الوسائل إذا كان الهدف تحطيم إرادة شعب وتقزيمه وانهيار ثوابته، ربما نستخف بما يحدث الآن، بما يدور فى أذهان شبابنا من أفكار وسلوكيات ونعتبرها من متطلبات المرحلة الضبابية التى نعيشها، صحيح أن هناك العديد من العوامل التى تجعل من شبابنا أسرى لأى فكر يريح هواجسه، غير أن الوعى بما يحاك من حولنا بات ضرورة ملحة، بالتوعية والتنوير والبحث والقراءة والتحرى والاطلاع على الثقافات المتنوعة، لأن انهيار المجتمع يبدأ بانهيار قيمه وثوابته وضياع هويته، والشريحة الأكثر تأثراً وتأثيراً هى الشباب، لا يكفى تشريع القوانين الرادعة لأنها أثبتت فشلها أو الحبس على الفكر بدعوى إشاعة البلبلة وتكدير السلم المجتمعى لأنها غير كافية لترسيخ قيم ومعتقدات يتمرد عليها أصلاً، فهو جيل خرج من رحم الضياع والتناقض وفساد المناخ السياسى والاجتماعى.

نقلًا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سادة السحر الأسود سادة السحر الأسود



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon