بقلم-جيهان فوزى
«يكاد المريب يقول خذونى»، فى كل الأوقات والأحداث العظام التى تطحن غزة وساكنيها، لا تتوانى حركة حماس التى تحكم بفعل الأمر الواقع، أن تبرر القمع الذى تمارسه أجهزتها الأمنية والإدارية المسئولة عن إدارة المؤسسات، سواء كانت خدمية أو اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، من حين لآخر تنطلق أصوات خافتة تكاد لا تسمع خوفاً من التنكيل، تزفر بالنقد حيناً والشكوى من الأوضاع المتردية دائماً، لكن دوماً تسارع حماس وتنفى عنها صفة القمع أو تقييد الحريات. ما يجرى فى قطاع غزة شأنه شأن الحكم فى الأنظمة الديكتاتورية فى المنطقة العربية التى تحكم بالحديد والنار، الديمقراطية لا تعرف طريقاً إليها، المتنفس الوحيد وسائل التواصل الاجتماعى ولكن بحذر، الوضع الإنسانى فى أسوأ حالاته، الوضع الصحى متدهور، الوضع الاقتصادى منهار، الأزمات المالية تعصف به من كل جانب بعد تقليص خدمات الأونروا المسئولة عن غوث وتشغيل اللاجئين، وفى ظل فرض عقوبات الرئيس عباس على موظفى القطاع، وفى ظل تمييز منتسبى الحركة دون غيرهم من قطاعات الفلسطينيين فى غزة، فالامتيازات تذهب إليهم دائماً! كنا نسمعها على سبيل الشائعات المغرضة، لكن ثبتت حقيقتها، كمصادرة الأراضى لخدمة استثمارات تخص الحركة، والاستيلاء على مشاريع ناشئة أو المشاركة بحصة فيها مقدر لها أن تدر أرباحاً مستقبلية، الاعتقال للمعارضين والصحفيين على الرأى، منع إقامة المهرجانات فى مناسبات وطنية لا تخصها، كل ذلك كان يدور فى جلسات الأحاديث الهامسة المتذمرة، بسبب الخوف من الجهر أو المعارضة لأنها ستجابه بالقمع والدوس على الكبرياء.
الفضاء الإعلامى يتغنى بمناقب حماس وحكمها الرشيد، وتمسكها بخيار المقاومة لا يغيب عن تصريحات قياداتها، خاصة إذا ما تعلق الأمر بمصلحة المواطنين وعيشهم حياة كريمة، لكن أن يأتى صوت مغرد خارج السرب من حماس ذاتها، فهو ما يستحق التوقف والقول: «وشهد شاهد من أهلها»، حينما وجه «جمال أبوعامر» القيادى فى حركة حماس انتقاداً لاذعاً لقادة الحركة لسوء إدارة قطاع غزة على صفحته فى «فيس بوك» أنقل إليكم ماجاء فيه:
«إلى قادة حماس، خصوصاً الأخ أبوالعبد(إسماعيل هنية) والأخ أبوإبراهيم (يحيى السنوار)، إن طيبتكم وحسن نواياكم لا تعفيكم من مسئولياتكم تجاه تجاوزات القائمين على إدارة قطاع غزة»، وأضاف: «الناس لا تعرف وكلاء الوزارات ولا المديرين العامين ولا القضاة ولا قادة الشرطة والأمن، الناس تعرف عنواناً واحداً هو حماس، شئتم أم أبيتم، إلى متى غض الطرف عن هؤلاء الناس الذين يذيقون الناس ألوان العذاب والمرارة والذل»، وبخصوص حملات شرطة المرور، فإنها «تأخذ طابعاً استفزازياً»، ورسوم المركبات المرتفعة لماذا لا يتم تخفيضها إلى الثلث وإعفاء قسم كبير من المتخلفين، غزة على وشك الانهيار، إن سياسات وزارة الاقتصاد المتهالكة التى لا تعطى بالاً لهموم المزارعين والمهنيين، الصناعة دمرت، والزراعة يتم تدمير ما تبقى من خلال سياسة وقف التصدير، حتى تصبح البضاعة بسعر لا يساوى تكلفتها، وإغراق الأسواق بالبضائع الصينية التى دمرت الصناعات الوطنية».
وختم القيادى أبوعامر تغريدته: «لن أتكلم على سياسة توزيع الأراضى على الموظفين التى كان بالإمكان توفيرها، وإعطاء عطاءات للكبار المتعهدين لبناء أبراج بدل إهدار ما تبقى من الأرض، وتلوث البحر إلى حد تشكيله خطورة على من يسبح به وليس من يشرب منه وناهيك عن السمك الملوث الذى يتم صيده عند مصب المياه العادمة، هناك الكثير والكثير الذى يمكن الحديث عنه، لكننى أكتفى بهذا القدر».
شرح القيادى الحمساوى معاناة القطاع بمشرط حاد ووضع يده على جرحه، فالكيل طفح ولم يعد بالإمكان الصمت، فهل يلاقى نقده سعة الصدر من الحركة والنظر بعين الخطر لما يجرى فى غزة المأرجحة بين النار والرمضاء قبل أن تقع الكارثة؟.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع