توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صفحة «المنسق».. واستراتيجية التزييف

  مصر اليوم -

صفحة «المنسق» واستراتيجية التزييف

بقلم - جيهان فوزى

تجيد إسرائيل تلميع نفسها من خلال الآلة الإعلامية، صفحة الناطق باسم الجيش الإسرائيلى «أفيخاى أدرعى»، التى تجاوزت آلاف المتابعين، وزادت شهرتها فى السنوات الماضية مثال على ذلك، قرر «أدرعى» مشاركة العرب مناسباتهم الوطنية والدينية والاجتماعية وحتى أزماتهم الاقتصادية والنفسية، ورغم ذلك لم يحظ «أدرعى» بالتأييد المنشود، فهناك كثيرون يقفون له بالمرصاد ويتصدون لأكاذيبه وتزويره، خاصة إذا ما تعلق الموضوع بالفلسطينيين، ورغم ذلك فإن صفحات إسرائيلية عدة أنشئت فى الواقع الافتراضى لتخاطب العرب وتتقرب منهم، وتمدهم بالمعلومات المغلوطة التى تتسق من رواية الاحتلال الإسرائيلى، أملاً فى تبييض صورته وتبرير أفعاله التى ترقى إلى جرائم الحرب، ومن هذا المنطلق فإن لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية موقعاً بالعربية وصفحة فيس بوك وتويتر بالعربية أيضاً، وهى ليست الوحيدة، ففى السنوات الأخيرة نلاحظ قفزة كبيرة فى عدد الصفحات الرسمية الناطقة بالعربية وليست موجهة فقط لمليون ونصف المليون عربى فى إسرائيل، إنما للعالم العربى ككل، ولعل أشهر تلك الحسابات هى «أفيخاى أدرعى» الناطق بلسان الجيش الإسرائيلى بالعربية، والمنسق «وأوفير جندلمان» المتحدث بلسان رئيس الوزراء بالعربية، بالإضافة إلى صفحة شرطة إسرائيل بالعربية، وصفحة وزارة التربية، وصفحات متنوعة لمكاتب رسمية بالعربية. وتنشط هذه الصفحات فى أوقات الأزمات والمواجهات، لأنها تعبر عن وجهة النظر الرسمية الإسرائيلية، ومن جهة أخرى تقدم تعليمات وخدمات للمتلقى مثل صفحة «المنسق» فى الأراضى الفلسطينية.

صفحة «المنسق» أصبحت لافتة للنظر بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وتجاوزت ردود فعل الفلسطينيين بالتفاعل معها كل الخطوط الحمراء، نظراً للتسهيلات التى تقدمها، خاصة فيما يتعلق بالعمل داخل إسرائيل، فى ظل الحصار والعزلة والبطالة والفقر المدقع الذى وصلت نسبته إلى 70% فى غزة. تهتم هذه الصفحة بالرد على استفسارات المواطنين بشأن العمال وتصاريح العمل والسفر والخدمات وغيرها، وكان من المدهش أن تلاقى الصفحة رواجاً كبيرا بين رواد التواصل الاجتماعى فى قطاع غزة، واختيارها نموذجاً يثنى عليه! حيث يدخلون على صفحة «المنسق» ربما أكثر من صفحاتهم، لمتابعة كافة القضايا المتعلقة بحياتهم. ردود الفعل والتعليقات التى يرددها الفلسطينيون فى صفحة «المنسق» عبر «فيس بوك»، تدعو إلى وقفة جادة من المسئولين الفلسطينيين، والإحساس بالخطر مما يحدث، ولماذا يحدث؟ ليصل الأمر إلى الإعجاب والتقدير والثناء على المنسق الإسرائيلى! فلا بد من حل لكبح جماح هذه العقول التى اقتنعت لدرجة المديح بمنسق حكومة الاحتلال الإسرائيلى؟! على تسهيلات هى فى الأصل حق للشعب الفلسطينى للعمل بكرامة فى أرضه ووطنه؟! لكن المسئولية لا تقع على عاتق المواطنين فقط، وربما نلتمس لهم العذر بعد التضييق عليهم فى معيشتهم وحياتهم، فلم يجدوا مفراً من اللجوء إلى «المتنفس الخبيث» الذى يبحثون من خلاله عن راحتهم، واستقرار حياتهم، وهى الخديعة الكبرى التى يمارسها الاحتلال الإسرائيلى لتجميل صورته، ويلامس من خلالها مشكلات وأزمات المواطنين وإيجاد الحلول والتسهيلات لهم، وفى الوقت الذى يحاول فيه «أفيخاى أدرعى» ترويج رواية الجيش الإسرائيلى، ويتقرب من المجتمعات العربية ويحشر أنفه فى كل كبيرة وصغيرة تخص العرب والمشاهير والفنانين والأعياد الوطنية، والمناسبات الدينية التى يختتم التهنئة بها بآيات قرآنية، غير آبه بتزويره للحقائق، يكذب ويتجمل، وينشر الأكاذيب بثقة ووقاحة، خاصة فى وقت الحروب والأزمات، والعدوان الممنهج الذى تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلى على الفلسطينيين، أصبحت صفحة «المنسق» متنفساً أيضاً لكل طالب إعانة أو حل لمشكلة تتعلق بلقمة العيش.

فمنذ سنوات والاحتلال الإسرائيلى يوجه بوصلته لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعى، عبر صفحات افتراضية، أو جهات ناطقة باسم جيش الاحتلال، وتحديداً صفحة أفيخاى والمنسق، وفى الآونة الأخيرة تفاعل عدد كبير من الشباب الفلسطينى والعمال بهذه الصفحات، ظناً منهم أنها تعود عليهم بالنفع أو تزيد من التسهيلات، وتزيل العقبات، هدف الاحتلال الإسرائيلى من هذه الصفحات ابتعاد الشباب عن التمسك بالمقاومة، لأنهم الأكثر انتماء وحماساً لها وإيماناً بها، كى يلتفت للقمة العيش، ويبتعد عن النضال، لذا يجتهد الاحتلال بالعمل على حملة تزييف الواقع وتضليل الوعى، مستغلاً الثقافة الفلسطينية والمناسبات الوطنية والدينية، ليبدأ بكسر حاجز انعدام الثقة بينه وبين الشعب الفلسطينى، ومن خلال تضييق الخناق على قطاع غزة، يصبح الاحتلال ذاته بعد ذلك، هو منفذ التسهيلات والتفاهمات وغيرها، ومن خلالها يتم الترويج لهذه الصفحات، والإشادة بإنجازات الاحتلال -الذى يدس السم فى العسل- بالعمل على مساعدة الفلسطينيين وإيجاد الحلول لأزماتهم المعيشية القاسية. قد لا يكون المشيدون بصفحات المنسق كثيرين، لكن مع ضغوط الحياة وقسوتها قد تتحول إلى ظاهرة لا نتمناها. مطلوب من المسئولين الانتباه ومحاولة الوقوف على هموم وأزمات الناس ومعالجتها بشكل حقيقى، وشىء من الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى حتى لا يخرج الوضع عن السيطرة. الاحتلال الإسرائيلى لا يقدم خدمات مجانية للفلسطينيين، بل يشن حرباً نفسية عبر صفحاته المشبوهة مثل صفحة المنسق، التى يحاول من خلالها اختراق المجتمع الفلسطينى وتغيير توجهاته وأولوياته، وبث سمومه ومحاولة صنع التفرقة بينهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفحة «المنسق» واستراتيجية التزييف صفحة «المنسق» واستراتيجية التزييف



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon