توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صفحة «المنسق».. واستراتيجية التزييف

  مصر اليوم -

صفحة «المنسق» واستراتيجية التزييف

بقلم - جيهان فوزى

تجيد إسرائيل تلميع نفسها من خلال الآلة الإعلامية، صفحة الناطق باسم الجيش الإسرائيلى «أفيخاى أدرعى»، التى تجاوزت آلاف المتابعين، وزادت شهرتها فى السنوات الماضية مثال على ذلك، قرر «أدرعى» مشاركة العرب مناسباتهم الوطنية والدينية والاجتماعية وحتى أزماتهم الاقتصادية والنفسية، ورغم ذلك لم يحظ «أدرعى» بالتأييد المنشود، فهناك كثيرون يقفون له بالمرصاد ويتصدون لأكاذيبه وتزويره، خاصة إذا ما تعلق الموضوع بالفلسطينيين، ورغم ذلك فإن صفحات إسرائيلية عدة أنشئت فى الواقع الافتراضى لتخاطب العرب وتتقرب منهم، وتمدهم بالمعلومات المغلوطة التى تتسق من رواية الاحتلال الإسرائيلى، أملاً فى تبييض صورته وتبرير أفعاله التى ترقى إلى جرائم الحرب، ومن هذا المنطلق فإن لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية موقعاً بالعربية وصفحة فيس بوك وتويتر بالعربية أيضاً، وهى ليست الوحيدة، ففى السنوات الأخيرة نلاحظ قفزة كبيرة فى عدد الصفحات الرسمية الناطقة بالعربية وليست موجهة فقط لمليون ونصف المليون عربى فى إسرائيل، إنما للعالم العربى ككل، ولعل أشهر تلك الحسابات هى «أفيخاى أدرعى» الناطق بلسان الجيش الإسرائيلى بالعربية، والمنسق «وأوفير جندلمان» المتحدث بلسان رئيس الوزراء بالعربية، بالإضافة إلى صفحة شرطة إسرائيل بالعربية، وصفحة وزارة التربية، وصفحات متنوعة لمكاتب رسمية بالعربية. وتنشط هذه الصفحات فى أوقات الأزمات والمواجهات، لأنها تعبر عن وجهة النظر الرسمية الإسرائيلية، ومن جهة أخرى تقدم تعليمات وخدمات للمتلقى مثل صفحة «المنسق» فى الأراضى الفلسطينية.

صفحة «المنسق» أصبحت لافتة للنظر بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وتجاوزت ردود فعل الفلسطينيين بالتفاعل معها كل الخطوط الحمراء، نظراً للتسهيلات التى تقدمها، خاصة فيما يتعلق بالعمل داخل إسرائيل، فى ظل الحصار والعزلة والبطالة والفقر المدقع الذى وصلت نسبته إلى 70% فى غزة. تهتم هذه الصفحة بالرد على استفسارات المواطنين بشأن العمال وتصاريح العمل والسفر والخدمات وغيرها، وكان من المدهش أن تلاقى الصفحة رواجاً كبيرا بين رواد التواصل الاجتماعى فى قطاع غزة، واختيارها نموذجاً يثنى عليه! حيث يدخلون على صفحة «المنسق» ربما أكثر من صفحاتهم، لمتابعة كافة القضايا المتعلقة بحياتهم. ردود الفعل والتعليقات التى يرددها الفلسطينيون فى صفحة «المنسق» عبر «فيس بوك»، تدعو إلى وقفة جادة من المسئولين الفلسطينيين، والإحساس بالخطر مما يحدث، ولماذا يحدث؟ ليصل الأمر إلى الإعجاب والتقدير والثناء على المنسق الإسرائيلى! فلا بد من حل لكبح جماح هذه العقول التى اقتنعت لدرجة المديح بمنسق حكومة الاحتلال الإسرائيلى؟! على تسهيلات هى فى الأصل حق للشعب الفلسطينى للعمل بكرامة فى أرضه ووطنه؟! لكن المسئولية لا تقع على عاتق المواطنين فقط، وربما نلتمس لهم العذر بعد التضييق عليهم فى معيشتهم وحياتهم، فلم يجدوا مفراً من اللجوء إلى «المتنفس الخبيث» الذى يبحثون من خلاله عن راحتهم، واستقرار حياتهم، وهى الخديعة الكبرى التى يمارسها الاحتلال الإسرائيلى لتجميل صورته، ويلامس من خلالها مشكلات وأزمات المواطنين وإيجاد الحلول والتسهيلات لهم، وفى الوقت الذى يحاول فيه «أفيخاى أدرعى» ترويج رواية الجيش الإسرائيلى، ويتقرب من المجتمعات العربية ويحشر أنفه فى كل كبيرة وصغيرة تخص العرب والمشاهير والفنانين والأعياد الوطنية، والمناسبات الدينية التى يختتم التهنئة بها بآيات قرآنية، غير آبه بتزويره للحقائق، يكذب ويتجمل، وينشر الأكاذيب بثقة ووقاحة، خاصة فى وقت الحروب والأزمات، والعدوان الممنهج الذى تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلى على الفلسطينيين، أصبحت صفحة «المنسق» متنفساً أيضاً لكل طالب إعانة أو حل لمشكلة تتعلق بلقمة العيش.

فمنذ سنوات والاحتلال الإسرائيلى يوجه بوصلته لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعى، عبر صفحات افتراضية، أو جهات ناطقة باسم جيش الاحتلال، وتحديداً صفحة أفيخاى والمنسق، وفى الآونة الأخيرة تفاعل عدد كبير من الشباب الفلسطينى والعمال بهذه الصفحات، ظناً منهم أنها تعود عليهم بالنفع أو تزيد من التسهيلات، وتزيل العقبات، هدف الاحتلال الإسرائيلى من هذه الصفحات ابتعاد الشباب عن التمسك بالمقاومة، لأنهم الأكثر انتماء وحماساً لها وإيماناً بها، كى يلتفت للقمة العيش، ويبتعد عن النضال، لذا يجتهد الاحتلال بالعمل على حملة تزييف الواقع وتضليل الوعى، مستغلاً الثقافة الفلسطينية والمناسبات الوطنية والدينية، ليبدأ بكسر حاجز انعدام الثقة بينه وبين الشعب الفلسطينى، ومن خلال تضييق الخناق على قطاع غزة، يصبح الاحتلال ذاته بعد ذلك، هو منفذ التسهيلات والتفاهمات وغيرها، ومن خلالها يتم الترويج لهذه الصفحات، والإشادة بإنجازات الاحتلال -الذى يدس السم فى العسل- بالعمل على مساعدة الفلسطينيين وإيجاد الحلول لأزماتهم المعيشية القاسية. قد لا يكون المشيدون بصفحات المنسق كثيرين، لكن مع ضغوط الحياة وقسوتها قد تتحول إلى ظاهرة لا نتمناها. مطلوب من المسئولين الانتباه ومحاولة الوقوف على هموم وأزمات الناس ومعالجتها بشكل حقيقى، وشىء من الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى حتى لا يخرج الوضع عن السيطرة. الاحتلال الإسرائيلى لا يقدم خدمات مجانية للفلسطينيين، بل يشن حرباً نفسية عبر صفحاته المشبوهة مثل صفحة المنسق، التى يحاول من خلالها اختراق المجتمع الفلسطينى وتغيير توجهاته وأولوياته، وبث سمومه ومحاولة صنع التفرقة بينهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفحة «المنسق» واستراتيجية التزييف صفحة «المنسق» واستراتيجية التزييف



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon