بقلم - جيهان فوزى
بعد الزيارة الخاطفة التى قام بها الرئيس الأمريكى جو بايدن للأراضى الفلسطينية، ولقائه بالرئيس الفلسطينى محمود عباس فى مدينة بيت لحم لأقل من ساعة، سادت أجواء من الغضب فى الشارع الفلسطينى، لم يحمل اللقاء جديداً يذكر، ولم يقدم «بايدن» أى خطط مستقبلية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والقضايا العالقة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، والمفاوضات المجمدة بين الطرفين منذ عام 2014، لقد تنفس المستوى السياسى فى إسرائيل الصعداء متفاجئاً بعدم إثارة بايدن بعض المسائل التى كان متوقعاً أن يطرحها خلال زيارته لإسرائيل ومن أبرزها تجميد توسيع المستوطنات فى الضفة، واغتيال مراسلة الجزيرة الصحفية شيرين أبوعاقلة التى تحمل الجنسية الأمريكية.
فيما أشارت صحيفة «هآرتس» العبرية إلى أن الرئيس بايدن «جعل الحياة سهلة بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلى يائير لابيد، عندما لم يتطرق إلى قضيتى المستوطنات ومقتل أبوعاقلة خلال المؤتمر الصحفى فى القدس».
وحسب الصحيفة، فإنه حتى فى مسألة حل الدولتين «لم يقدم الرئيس الأمريكى حلولاً عملية بل تطرق إليها بشكل عام خلال المؤتمر الصحفى». بينما كانت أكبر «هدية» قدمها بايدن لإسرائيل خلال زيارته هى «التعهد الأمريكى بتقديم المساهمة المالية والتكنولوجية لتطوير منظومة الدفاع الجوى الليزرية الخاصة بإسرائيل».
لقد ركز بايدن فى لقائه مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس على «تعزيز الفرص الاقتصادية» للفلسطينيين فقط، متجاهلاً الخوض فى تفاصيل ملحة للفلسطينيين رغم تنويه أبومازن فى كلمته إلى قضية حل الدولتين الذى لن يستمر طويلاً! لكن «بايدن» تجاهل الخوض فى تفاصيل دبلوماسية كبيرة فيما يخص عملية السلام، وتعهد بتقديم 100 مليون دولار إضافية لدعم المستشفيات الفلسطينية فى القدس الشرقية، ولم يقدم مقترحات جديدة لإحياء عملية السلام المتجمدة بين الفلسطينيين وإسرائيل، بل أكد أنه ليس وارداً التراجع عن قرار سلفه دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل! فى حين لا يزال المجتمع الدولى يرفض هذا الاعتراف، فى المقابل أصيبت عائلة الشهيدة شيرين أبوعاقلة بخيبة أمل شديدة من تجاهل «بايدن» حسم قضية مقتل شيرين والتواطؤ الأمريكى فى عدم إدانة إسرائيل صراحة، فلم تتوقف الاحتجاجات الميدانية طوال الزيارة من فلسطينيين وإسرائيليين فى القدس المحتلة، رافعين اللافتات المنددة وصوراً للراحلة شيرين أبوعاقلة.
بوادر الرد على زيارة «بايدن» للأراضى المحتلة، بدأت بالقصف الإسرائيلى على قطاع غزة، رداً على زعم بإطلاق صاروخين من القطاع، هذه المناوشات وضعت سيناريو الحرب على طاولة البحث والمخاوف الإسرائيلية المتجددة من نشوب حرب جديدة فى قطاع غزة، والصحف العبرية لم تتوقف للحظة واحدة فى رسم سيناريوهات الحرب والمواجهة مع غزة، بل ذهبت لأكثر من ذلك، حين ذكرت بعض المواقع أنه بعد انتهاء زيارة الرئيس الأمريكى جون بايدن لإسرائيل والمنطقة، قد يكون ذلك وقت إعلان الحرب وتحرك جيش الاحتلال نحو غزة وفتح باب الاغتيالات مجدداً.
وأشارت صحيفة «هآرتس» يوم الجمعة إلى أن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية تخشى من تأثير أزمة الغذاء والطاقة العالمية على الوضع الاقتصادى السيئ بالفعل فى قطاع غزة، وإعادة اشتعاله من جديد.
ورغم توقع المسئولين فى مصر بعدم تدهور الوضع فى غزة بعد هذا التصعيد، تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، تخشى من أن ذلك قد يؤدى إلى تقويض الوضع الأمنى، وتؤكد تصريحات أمنية إسرائيلية أن «قضية غلاء المعيشة فى غزة، هى اليوم من أكثر القضايا التى تقلق إسرائيل أكثر عند النظر فى إمكانية عدم الاستقرار الأمنى فى المنطقة».
وتقول الصحيفة: «تحاول إسرائيل خلق واقع فى غزة يمكن احتواؤه رغم المشكلات القائمة والمتوقعة، وحتى الآن لم تحدد القيادة السياسية للمؤسسة العسكرية والأمنية ما يجب أن يكون عليه الوضع المنشود هناك، لذلك حددت لنفسها بعض الأهداف التى يمكن -بحسب مصادر استخباراتية - تحقيقها للتأثير على الواقع الحالى بعد جولات القتال فى السنوات الأخيرة، التى يعتقد مسئولون كبار فى جيش الاحتلال الإسرائيلى أنها كانت خاطئة من حيث التصور الأمنى ولم تؤثر بشكل يغير الواقع.