توقيت القاهرة المحلي 07:37:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إلى روحك الطاهرة

  مصر اليوم -

إلى روحك الطاهرة

بقلم : جيهان فوزى

فى غزة كل شىء يموت إلا قياداتها، فى غزة ليس لك ثمن إلا بقدر انتمائك لفصيل سياسى، فى غزة تعتزلك الحياة ما دمت غير قادر على مجاراتها، فى غزة تنتهك الروح تحت أحذية السلطان، لا تصدق خداع «حماس» المجاهدة المرابطة ولا حيل سلطة «عباس» المنافقة، لا تصدق أن هناك شغفاً لوطن يذبح على مقاصل المتنفذين كل يوم، لا تصدق أن هناك شرفاً وضميراً ما زال يرفع شعار المقاومة البريئة، هناك أقدار يجب أن تعيشها، وأحزان يجب أن تقفز عليها، وأرواح تصعد لبارئها، لتشهده عما يفعله المضللون الرافعون لواء الوطن وحُماته، هناك كل أساليب الخداع والكذب والانتهازية الرخيصة التى تتاجر بأرواح الناس، هناك يقبع الألم فى المآقى الكسيرة التى شل دموعها كثرة البكاء، هناك أجساد ميتة فى صورة أحياء، هناك طاعون اسمه «حماس وفتح»، هناك شباب فقد إيمانه بالحياة فآثر السلامة بالانتحار، وثكالى استسلمن لأقدارهن أملاً فى معجزة تهبط عليهن من السماء، ومخلص يذود عنهن عهر السياسيين وفجرهم ونفاقهم، هناك آلام تعتصر الأجساد وفقر يطحن الكرامة ويدوس على الكبرياء، هناك كل شىء إلا الوطن والعزة والانتماء، هناك يحتضن أنصاف الرجال ما تبقى من رجولتهم شاهرين أسلحة الكذب والتضليل فى وجه القانعين المستسلمين لذل أُولى الأمر.

فى غزة العزة لم يعد هناك عزيز على أحد، هناك فقط القهر والظلام والجوع واليأس والمرض، فيما يتمكن منك العجز والعوز وتعيش تجربة الوجع بأنواعه. وجع البعاد والغربة وقلة الحيلة والمرض والإعاقة فتصبح غير قادر على التنفس، من أمامك بحر هائج مفخّخ بقنابل الاحتلال، ومن خلفك حدود جدرانها شاهقة مسيَّجة بأغلال السياسة والأمن ليس لديك مفر من واقع الاعتقال اللاإرادى الذى يعيش فيه أهالى غزة بكل المعايير اللاإنسانية، مَن يموت فقد استراح، ومَن يصارع المرض فلله الأمر من قبل ومن بعد، ليس من حق المريض العلاج، ومن كان طاعناً فى السن تُستكثر عليه الحياة فهناك أولويات، الروح رخيصة بقدر الاحتياج إليها، لا مهرب من مصير محتوم لأناس حُكم عليهم بالإعدام، رئيس السلطة يعاقب غزة ويمنع عنها الماء والهواء والتحويلات الطبية للخارج ضمن سياسة لىّ الذراع لإرضاخ «حماس»، وحماس تمارس التدليس والبلطجة باسم الشعب والدين والوطن، سُحقاً لكما فعلى أيديكما جاعت غزة، لكنها لم تأكل بثدييها، سحقت الأمراض خيرة شبابها وأنتم تتراقصون على أوجاعهم، وعجوز السلطة يتباهى بأساليب العقاب التى فرضها على غزة الذبيحة، و«حماس» تتاجر بآلام الناس وتقف كالمارد المتغطرس متذرعة بالمقاومة! سحقاً لكل من ساهم فى انكسار روحك يا غزة وداس عليها بأقدام التجبّر والقوة.

كنت أكتب عن معاناة غزة -شأنى شأن أى متابع- الكثير من المقالات، لكن حينما أصابنى الكبد فى مقتل، وعجزت عن رؤية صفحة وجه أمى المشرقة بالرضا رغم المرض وما قسمه الله لها، بسبب الإجراءات الأمنية المنهكة التى حالت دون السفر إليها أو توديعها قبل رحيلها إلى مَن هو أرحم بها من عباده، سقطت ورقة التوت، وتدحرجت الشرنقة لتصرخ بأعلى صوتها، أنتم يا من تزايدون على الوطن، مَن تعتقلون غزة، أنتم مَن تتسببون فى معاناتها وقهر أبنائها وضياع حقوقها، زرعتم اليأس فى قلوب خيرة شبابها، وأفعالكم نالت من أبنائها وأصبحوا فى نظر العالم إرهابيين، أصبحت غزة بأهلها شركاء فى الإرهاب ولتذهب إلى الجحيم! بعد أن كانت شعلة المقاومة والعزة والكرامة، دُستم على كبريائها، وبِعتم شرفها فى سوق نخاسة إيران وتركيا وقطر والسعودية وكل مَن مد يده ليقتطع جزءاً من لحمها، بينما أهلها يطلّون من علياء حسرتهم يضربون كفاً بكف لا يملكون سوى الحوقلة والحسبنة على كل مَن آذاهم وشوه تاريخهم ثم يمضون.

أوجعنى فراقك يا أمى، وإحساس العجز يقهرنى، فما استطعت الهرولة إليك، لأن قياداتنا تصنع التاريخ! رحمك الله رحمة واسعة، وأسكنك الفردوس الأعلى.

نقلًا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى روحك الطاهرة إلى روحك الطاهرة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon