بقلم : جيهان فوزى
ماذا ستفعل إسرائيل بعد أبومازن؟ هل تبدأ بالبحث عن البديل الذى يكمل ما بدأه الرئيس الفلسطينى محمود عباس؟ ما زالت إسرائيل بحاجة لمن يخدم مصالحها سواء فى التنسيق الأمنى أو تسهيل تقديم المعلومات الاستخبارية واللوجيستية كون الرئيس الفلسطينى من وجهة نظر الإعلام والمحللين السياسيين الإسرائيليين «حارس التنسيق الأمنى مع إسرائيل»، ومن هنا من يخلف الرئيس عباس يجب أن يكون بمواصفات محددة ترقى لطموحات إسرائيل وأهدافها الاستراتيجية ووفق مقاسات دقيقة تحقق مصالحها ولا تمس القواعد التى يعمل وفقها الرئيس أبومازن وعلى رأسها التنسيق الأمنى؟.
بعض التعليقات لأبرز المحللين السياسيين الإسرائيليين تكشف توجهات إسرائيل وخطوط البحث عن البديل المفصل على قياس مصالحها الذى لا يحيد عن مشروعها الذى رسمته أو يتخطى المهام المنوطة به. فمثلاً عاموس هرئيل، الكاتب فى صحيفة هآرتس، كبرى الصحف الإسرائيلية يقول: «إن إسرائيل تعتقد أن الوقت الذى يستغرقه الرئيس البالغ من العمر 82 عاماً قد انتهى» ووفق هرئيل فإن المخابرات ترى أن الوضع الحالى مع السلطة سوف يستخدم لإجراء تغييرات من جانب واحد فى العلاقات معها فى الضفة الغربية، فى حين أن رؤساء أجهزة أمن الاحتلال يعتقدون أن العكس صحيح، وينظرون إلى التنسيق الأمنى مع عباس كأصل استراتيجى، وهو أمر مهم للحفاظ عليه حتى بعد رحيله وفى عهد وريثه المقبل! ويطرح هرئيل وجهة «النظر العقلانية» فى التصور المخابراتى الإسرائيلى غير القلق كون الوريث المقبل لعباس سيكون ضمن الإطار القيادى الفتحاوى أو ضمن القيادة فى أجهزة السلطة.
نعلم أن أجهزة السلطة فى الضفة الغربية تدار وفق قواعد وبرامج تُرضى القيادة الإسرائيلية وهو ما تعترف به قيادة السلطة برام الله ولا تخفيه وقد صرحت به مراراً وتكراراً، كما أن التلويح الإسرائيلى الواضح من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن وريث عباس يجب أن يضع «التنسيق الأمنى» تاجاً فوق كرسيه، ويكون سلوكاً يومياً لأجهزته الأمنية يؤكد أن العقلية الصهيونية لن ترضى بأى حال من الأحوال وصول شخصية ضعيفة لتكون وريثة عباس، فهذا من شأنه أن ينهار فى أى لحظة، وحينها تصبح العناصر المعتدلة فى فتح هى المسيطرة، وبالتالى تنتعش قوة حماس النائمة فى الضفة الغربية، فما تشهده الأحداث اليومية فى الضفة الغربية دليل على أن العقدة الأمنية للطرفين «إسرائيل والسلطة» يصب فى هذه البوتقة.
التدخل الإسرائيلى فى قضية خلافة الرئيس الفلسطينى محمود عباس، هو نتيجة حتمية للفكر والنهج الذى قامت عليه السلطة وتسير عليه ووضعت نفسها بداخله وهو الأمر الذى سيحدد ضمناً أن أى حلول مستقبلية مع أى شريك فى السلطة يجب أن يقبل بالإملاءات الصهيونية سياسية كانت أم أمنية؟ وهو فى نفس الوقت تلويح من أجهزة الأمن الإسرائيلى بعصا غليظة بوجه قيادة السلطة وفتح أن من سيرث أبومازن يجب أن يرضى بأجندة إسرائيل.
وهناك أسماء مرشحة لخلافة أبومازن تتردد بقوة فى الكواليس مثل اللواء ماجد فرج، رئيس المخابرات الفلسطينية، والدكتور صائب عريقات، مسئول ملف المفاوضات مع إسرائيل، وجبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وتبدو المقارنة التى عرضتها مجلة «ديفنس نيوز» الأمريكية قبل عامين، فى مواقف كل من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، ومسئول مخابرات السلطة اللواء ماجد فرج، جزءاً من خطة تسويقية فى مشروع خلافة رئاسة السلطة تبارى فيها الجانبان لتقديم المواقف والإشارات حول صلاحيته وكفاءته لهذا الموقع، واستعداده لتقديم فروض الطاعة «الإسرائيلية» مما أغضب الفلسطينيين على مختلف توجهاتهم! أما جبريل الرجوب فقد فتح النار على القيادات العليا فى حركة فتح منذ عامين وأقر بوجود أزمة حقيقية وحالة من الغليان فى قواعد الحركة وطالب بشكل مبطن بالكف عن الكذب فى خطابات أبومازن وقيادات الحركة ملوحاً بوجود أزمة قيادة وأزمة بوصلة وحالة من الإحباط والغليان عند الجيلين الأول والثانى، ما جعل الأمر يفسر على أن هذا النقد غير المسبوق يأتى فى ظل السباق على السلطة وخلافة عباس، ومع ذلك ما زالت الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت؟!.
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع