توقيت القاهرة المحلي 08:21:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما يتحول التواصل إلى كارثة

  مصر اليوم -

عندما يتحول التواصل إلى كارثة

بقلم : جيهان فوزي

نحن أمام جيل صعب المراس، نعانى من مشكلة حقيقية سببها الفجوة الكبيرة التى خلقتها أزمة التواصل بين الأجيال، الاحترام المفقود والجدل الدائر بين القديم والحديث، لن أبالغ لو قلت إنها معاناة كل بيت، هوة سحيقة تفصل بين أواصر الترابط والتواصل بين الأهل والأبناء، وعلى بساطة المشكلة، فإنها تشكل كارثة حقيقية، أزمة التواصل بين الأهل وأبنائهم أصبحت شيئاً من الترف غير المطلوب، كلما تداخلت الأفكار وتشابكت القناعات بين تجربة الأهل وتجارب أبنائهم تتفاقم المشكلة وتتحول إلى كوارث فى بعض الأحيان، أزمة التواصل والتفاهم تكاد تكون معدومة، لماذا وصلنا إلى هذه الفجوة المخيفة من التلاقى عند نقطة بيننا وبين أبنائنا؟ هل هو الانفتاح على عالم منفتح على كافة الثقافات والمعلومات؟ فأثرت على المفاهيم لدى الشباب وقلبتها رأساً على عقب؟!. هل انعدام الثقة والأمل فى المستقبل هو السبب؟ هل تغيّر مفاهيم الأخلاق وممارسة الحرية المنفلتة أديا لفقدان السيطرة؟ فأصبح الشباب بلا كوابح ولا ضوابط تقنن سلوكه؟

لا حول ولا قوة إلا بالله، ما حيلتنا ونحن نقف عاجزين عما يصيبنا بغتة، بفعل أفعالنا تارة وبفعل أقدارنا تارة أخرى، نعمة الصحة لا نملك فى قرارها شيئاً، هى بيد الخالق الذى أحيانا وبيده مماتنا، وحسن الخاتمة هى مسئوليتنا الأخلاقية والأدبية والدينية، وسلوكياتنا التى تتغير وتتبدل سواء بفعل ظروف قاهرة أو استعداد لدينا حين تغرر بنا الأساليب الملتوية والأفكار المستوردة، فنعتقد خاطئين أننا نسير فى الطريق الصحيح، يأخذنا غرور القوة وشيئاً فشيئاً يسلب معها نقاء النفس وطهارة اليد ومكتسبات المبادئ والأخلاق التى ينميها كل واحد فينا بحسب مبادئه وتربيته وقيمه الدينية، حتى هذه الفرضية خاضعة للنقاش، عملاً بالمقولة: «يخلق من ظهر العالم فاسد».

نعيش فى عالم محفوف بالعبثية والفوضى والتباس المعانى والأفكار، كثرت المفاهيم الدخيلة علينا وعلى ما تربينا عليه ونشأنا معتقدين أنه الصواب، مهما حاولنا، فلن نستطيع أن ندخل عقول الشباب المتمرد على كل شىء، الناقم على كل شىء، الذين جنحوا نحو أفكار غريبة دون رقيب، عندما تناقش شاباً يافعاً مكتمل الوعى والذكاء والتعليم الرفيع، تجده يستحق الشفقة لأنه فى النهاية يعبر عن جيل ضائع بين ما يتلقاه من معلومات مخترقة ومضللة، تلعب بالعقول بالمنطق والحجة من خلال الشبكة العنكبوتية التى حولت العالم إلى قرية صغيرة، هذا العالم السيبرانى الملعون، دخل غرف نومنا وأرّق مضاجعنا ولعب بأفكار شباب يتشكل، فأنجبت المتطرف دينياً والملحد والمشوّش والضائع بين نقيضين!! سممت أفكار جيل ما زال يتلمس خطاه وأقنعته بأنها الحقيقة، لا يوجد يقين ولا ثوابت يتكئ عليها ضعاف النفوس فتربأ بهم من الوقوع فى جب الهاوية، تتلقفه أيدى الإرهاب من ناحية، ومن ناحية أخرى تغزوه غربة النفس حينها لا يستطيع التمييز بين ذاته التى شكلتها قيم وأخلاق غرستها أسرته فى تربيته منذ الصغر، وبين العالم الخارجى والفضاء الإلكترونى الذى يبث سمومه ويقنعه ويؤثر على تفكيره، يتوه فيما يتلقاه بإحكام خبيث ومنطق لا يمكن رفضه لأنه يخاطب ميوله الفكرية ويعرف كيف يستميلها، فيفقد البوصلة ويتوهم خاطئاً أنه وصل إلى مبتغاه، وفى واقع الأمر أنه بدأ طريق الضياع، طالما التخبط أصبح منهجاً لحياته، لأنه لا يستند على أرض صلبة وقودها المعرفة والاطلاع على ثقافات أخرى والقراءة فى مجالات عديدة سياسة واقتصاد وعلوم وصحة وفلسفات غيرت مسار التاريخ.

السؤال النمطى والتقليدى يقول: أين الأسرة من الرقابة على هذا الجيل البائس الذى احتضنه عالم واسع زاخر بالمعلومات أقلها: «الموثوق فيه وفى مصداقيته»، وأكثرها: «المضلل الذى يلعب بالإدراك» ويتسلل بالمنطق لمخاطبة العقل، فكيف سيدخل ذوو الأمر عقول أبنائهم وهم عاكفون على صياغة حياتهم المحاطة بغموض مريب، «تحت مسمى الخصوصية»، يرفض أبناء هذا الجيل الإنصات إلى النصيحة أو حتى النقاش بالعقل، وسرعان ما يتحول النقاش إلى صدام، حائط صد منيع بين ما يتلقاه من الأهل وبين ما يعتقده الصواب، يغذيه العند المتأصل فى جينات الشباب بحكم المرحلة السنية والتجارب المكتسبة مهما كانت ضآلتها، يخيل له عقله بأنه على صواب والجميع غير قادر على الوصول إليه بسبب أفكار متخلفة وعقلية قديمة عفى عليها الزمن، يعتقدون أنهم يقبضون على ناصية الحقيقة والأفكار المستنيرة، وواقع الأمر أنهم متخبطون ضائعون، هل وحدهم المسئولون عن هذه الفوضى؟ هل الأسرة تدخل فى دائرة المحاسبة؟ هل المجتمع والدولة لهما نصيب فى التسبب بهذا الضياع؟ كل تلك الأسباب مجتمعة تدخل فى نطاق المسئولية والاتهام؟ كل بقدر، فكيف نجتاز هذه المرحلة الحساسة المتشابكة والمعقدة؟ كيف نعدل رمانة الميزان فلا تميل فى اتجاه على حساب الآخر؟ إنها مشكلة شديدة التعقيد، وأزمة تواصل تحتاج إلى وقفة، خاصة ونحن نتحدث عن جيل لا يستمع إلا لصوته، ولا يتحرك إلا بأفكاره، وقناعاته، وليذهب الباقون إلى الجحيم. لكن حقيقة الأمر أن كليهما سيذهب إلى الجحيم!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يتحول التواصل إلى كارثة عندما يتحول التواصل إلى كارثة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon