توقيت القاهرة المحلي 07:37:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«مسيرة العودة».. هل تعيد الوحدة؟

  مصر اليوم -

«مسيرة العودة» هل تعيد الوحدة

بقلم - جيهان فوزى

طوال واحد وأربعين عاماً يحتفل الفلسطينيون بـ«يوم الأرض» بطرقهم المختلفة إحياءً لذكرى شهداء الأرض الذين وقعوا دفاعاً عنها، ومنذ ذلك الحين يعتبر هذا اليوم عيداً وطنياً لديهم يذكرهم دوماً بأرضهم وأهميتها التاريخية لديهم، وقبل أيام حل يوم الأرض على الفلسطينيين ليقرروا فيه اعتماد أسلوب آخر بعد أن ضرب اليأس أعناقهم وضاقت بهم الدنيا وأظلمت مقومات الأمل فى مستقبل واعد، خصوصاً فى قطاع غزة، اختار أهل القطاع الاحتفال بيوم الأرض بمسيرة العودة الزاحفة نحو الحدود التى اعتلاها سياج شاهق غرسه الاحتلال الإسرائيلى ليحاصر القطاع أكثر ويفصله عن بقيه الأراضى الفلسطينية التى التهمها قطعة تلو أخرى، خرج أهالى غزة سائرين نحو السياج فى مظاهرات سلمية احتجاجية لتذكر العالم أنهم حاضرون رغم الغياب الطويل الذى حاصرهم وأنهم لن يستسلموا لمصير فرضته سياسات أمريكا وإسرائيل ومؤامرة «صفقة القرن» التى يجهز لها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإسرائيل لتصفية قضيتهم نهائياً، فضلاً عن حصار السلطة الفلسطينية الذى فرضته عليهم من قطع الأرزاق وتجميد الأموال وخصم الرواتب ووقف الإمدادات الطبية والوقود والكهرباء فتحولت حياتهم إلى الجحيم بعينه.

أسلحتهم كانت إيمانهم بعدالة قضيتهم واليأس الذى ضرب مقومات حياتهم فلم يُبْقِ لهم ما يخافون عليه، لكن إسرائيل بعتادها العسكرى وجيشها المارق كانت تخشى مسيرتهم فحوّلتها مرة أخرى إلى دماء روت عطش الأرض القاحلة بفعل العزلة والحصار وسياسات الظلم والاعتداء والقسوة، عشرات الآلاف خرجوا غير آبهين بالتهديد والتحذيرات التى أطلقتها إسرائيل وكانت تجهز لها منذ تسربت لها أنباء عن مسيرة العودة السلمية التى ينوى الأهالى تنظيمها فى يوم الأرض، فهناك علاقة جدلية تلك التى تربط الفلسطينى بالأرض، ارتباطاً روحياً بين الإنسان وأرضه المجبولة بعرق الكادحين والفلاحين ودمائهم ودموعهم، الأرض هى رمز بقائهم وهويتهم وانتمائهم، سر وجودهم وصمودهم، تشكل أحد الملامح والصور الحاضرة فى أذهانهم، جسدت وعكست وحدة وتلاحم الشعب الفلسطينى المتيم بحبها بأروع وأبهى صوره فى يوم الأرض الخالد عام 1976، عندما انتفضت الجماهير مع قواها النضالية ضد غطرسة الاحتلال وسياسته القائمة على النهب والمصادرة لكل ما هو فلسطينى ليقتلعه من تاريخه وتراثه وجذوره، فى هذه المناسبة أعادت «مسيرة العودة» روح تلك الذكرى الخالدة فى أذهان الفلسطينيين وأيقظت ضمير العالم الذى كاد يموت مع تراجع القضية الفلسطينية بعد أن سقط فى «مسيرة العودة» أكثر من 18 شهيداً ومئات المصابين. وتوالت ردود الفعل الغاضبة وإدانات المجتمع الدولى، فما اقترفته إسرائيل من عنف مفرط فى مواجهة مسيرة سلمية غير مبرر؟! واعترفت منظمة (هيومن رايتس ووتش) بأن المسئولين الإسرائيليين الكبار الذين طالبوا بشكل غير قانونى باستخدام الذخيرة الحية ضد المظاهرات الفلسطينية التى لم تشكل أى تهديد وشيك للحياة، يتحملون المسئولية عن مقتل 18 متظاهراً فى غزة وإصابة المئات فى 30 مارس 2018. وأوضحت المنظمة الحقوقية أن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم أى دليل على أن إلقاء الحجارة وغيره من الأعمال من قبل بعض المتظاهرين على الحدود مع قطاع غزة هدد بشكل خطير الجنود الإسرائيليين وراء السياج الحدودى. وقالت المنظمة: «كان العدد الكبير للوفيات والإصابات نتيجة متوقعة للسماح للجنود باستخدام القوة القاتلة فى حالات لا تهدد الحياة، بما ينتهك المعايير الدولية. كما أتى نتيجة ثقافة الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة، القائمة منذ أمد طويل داخل الجيش الإسرائيلى!

لقد شكلت «مسيرة العودة» التى انبثقت من رحم الأرض نقطة تحول فاصلة للفلسطينيين وصحوة ضمير غاب وسط الصراعات على السلطة والسيادة، هى لحظة اختبار فارقة فى ظروف ملتهبة إما أن تعيد لهم وحدة الصف وتنحية الخلافات والالتفاف حول مشروعهم الوطنى وإنجاز المصالحة المنتظرة منذ سنوات، وإما أن تغرقهم فى وحل التناقضات والصراعات فتفوت عليهم فرصة الخروج من عنق الزجاجة التى خنقتهم بها إسرائيل الماضية فى مشروع التهويد وسحق الهوية الفلسطينية بمساعدة ودعم أمريكى لم يحدث من قبل.

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مسيرة العودة» هل تعيد الوحدة «مسيرة العودة» هل تعيد الوحدة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon