توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«السلطة الفلسطينية» تقتل «شيرين» من جديد

  مصر اليوم -

«السلطة الفلسطينية» تقتل «شيرين» من جديد

بقلم - جيهان فوزى

بعد اغتيال شيرين أبوعاقلة برصاص قناص إسرائيلى فى شهر مايو الماضى، كثر اللغط والحديث عن طبيعة الرصاصة التى اخترقت رأس «شيرين» من الرقبة وتسبّبت فى تهشُّم جمجمتها، ومن ثم وفاتها، وفى خضم الأحداث التى تبعت استشهاد «شيرين»، كان الغضب والاحتقان الفلسطينى على أشده، شعباً وسلطة، ورفضت السلطة الفلسطينية بكل السبل مشاركة إسرائيل فى تحقيقها الجارى حول جريمة اغتيال «شيرين»، وشعبياً كان التفاعل والتعاطف مع قضية مقتل «أبوعاقلة» والثأر لها هو المتصدّر للمشهد العام الفلسطينى، ففى خطبة لأحد أئمة المساجد فى مدينة خانيونس، قالها صراحة وبصوت يرعد فى سماء غزة: «نحن أولياء الدم»، أى أن دماء شيرين لن تذهب هدراً، وأن الشعب الفلسطينى بجميع أطيافه مسئولون عن القصاص لدماء شيرين.

وفى هذه الأثناء كانت النيابة العامة الفلسطينية طوال الوقت تؤكد أن الرصاصة التى قتلت «شيرين» غدراً لن تسلّم إلى أى جهة إسرائيلية أو أمريكية، الأمر الذى أثلج صدور الفلسطينيين، فتسليم الرصاصة يعنى بالضرورة ضياع حق الشهيدة، وبالتبعية الاستسلام لضغوط إسرائيل وأمريكا لفبركة الجريمة، وتسطيحها، كى تتوه الأدلة وتسقط التهمة المباشرة عن إسرائيل، وللأسف هذا ما حدث بالفعل تحت وطأة الضغوط الأمريكية - الإسرائيلية طوال الشهرين الماضيين.

الخبر المؤسف والصادم هو رضوخ السلطة الفلسطينية لهذه الضغوط وتسليمها رصاصة الغدر التى قتلت «شيرين» بدم بارد إلى جهات التحقيق الأمريكية، وبالتالى وقوعها صيداً ثميناً فى أيدى أجهزة التحقيق الإسرائيلية لفحصها، والخروج بتقرير لن يكون إطلاقاً منصفاً للفلسطينيين، وهذا يعنى أن «شيرين» قُتلت مرتين: الأولى برصاصة القناص الغادرة، والثانية عندما قرّرت السلطة الفلسطينية تسليم أداة القتل إلى قاتلها! فلماذا تتهاون السلطة الفلسطينية فى حق أصيل لها مهما مورس عليها من الضغوط والابتزاز السياسى؟ لماذا تسلم السلطة الفلسطينية هكذا ببساطة رقبتها لجلاديها؟ حتى إن كان التساؤل يبدو ساذجاً، غير أن هناك من الثوابت الفلسطينية التى كانت حصناً للفلسطينيين، ودعماً لحقوقهم المسلوبة، وهو عدم التفريط فى حق من حقوقهم الثابتة.

مجرد الاستسلام للضغوط والابتزاز اللذين مورسا على السلطة الفلسطينية ونيابتها العامة، يعنى أنها تخلت عن جزء أصيل فى حقها بتحديد الجانى، ومن ثم اللجوء إلى القنوات الرسمية والقانونية الدولية، والمحكمة الجنائية، لمحاكمة إسرائيل على جرمها الصارخ والواضح بحق الفلسطينيين، لقد خيبت السلطة الفلسطينية آمال الفلسطينيين مرة تلو أخرى، حين خيّبت آمالهم فى الدفاع عن حقوقهم المشروعة وثوابتهم التى كفلها القانون الدولى، مهما حاولت إسرائيل العبث فيها، وكانت فرصتها مواتية لإثبات جدارتها فى صون تلك الحقوق والدفاع عنها، مهما كان الثمن، لكن السلطة الفلسطينية للأسف أذعنت للضغوط وخذلت شعبها، حينما لبّت مطالب الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها وزير خارجيتها «اليهودى» أنتونى بلينكن، الذى أصر مراراً وتكراراً على تسليم الرصاصة لجهات التحقيق الأمريكية، للوقوف على ماهيتها ومن أطلقها؟! وهو الأمر الذى يعنى أن السلطة الفلسطينية ألقت بأدلتها الدامغة التى تدين إسرائيل، فى حضن إسرائيل ذاتها. فهل تعتقد السلطة الفلسطينية أن الولايات المتحدة ستكون نزيهة فى تحقيقاتها وتدين إسرائيل؟ أغلب الظن أن تسفر تحقيقاتها المشتركة مع إسرائيل، وهى الطرف الخصم فى القضية، بالخروج إلى نتائج، مفادها أن الرصاصة لم تكن موجّهة إلى «شيرين»، وأن القتل حدث بالخطأ فى ظروف اشتباكات ميدانية من الطبيعى أن تخرج رصاصة طائشة دون قصد، وهو ما ينفى نية إسرائيل المبيّتة بالقتل العمد، والذى أكدته الكاميرات، وشهود العيان، وتحقيق النيابة العامة الفلسطينية، ومنظمات حقوق الإنسان، والصحف الأمريكية نفسها، فقد أكدت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية من خلال تحقيق استقصائى لها، صحة الرواية الفلسطينية وبالأدلة القاطعة، أن الرصاصة خرجت قصداً لقتل شيرين. وها هى السلطة الفلسطينية بكل بساطة تسلم «القط مفتاح الكرار».

وما يؤكد ذلك تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى «ران كوخاف» لإذاعة الجيش: «الإسرائيليون سيفحصون بحضور أمريكى الرصاصة التى قتلت شيرين أبوعاقلة، إذا قتلناها فإننا سنتحمل المسئولية، و«سنأسف لذلك»!! «فقط سيأسفون لذلك»! دماء شيرين غالية، وهى جزء من دماء الشعب الفلسطينى، التى تُراق كل يوم، على أيدى الإسرائيليين، دون أن يحاسبها أحد. كان أولى بالسلطة الفلسطينية، وعلى رأسها محمود عباس أن يتمسّك بحق الفلسطينيين فى مقاضاة إسرائيل، لما ثبت بين يديه من أدلة دامغة تدين إسرائيل، وألا يخضع للابتزاز الأمريكى والضغط الإسرائيلى مقابل حفنة «تيسيرات سخيفة»، من ضمنها موافقة الرئيس الأمريكى «جو بايدن» على لقاء «رئيس السلطة أبومازن» خلال زيارته المرتقبة منتصف الشهر الحالى فى «بيت لحم»، ضمن زيارته للأماكن المقدسة المسيحية! وليس فى مقر إقامة الرئيس عباس فى رام الله، وهو البروتوكول المتبع فى كل الزيارات الرئاسية الرسمية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السلطة الفلسطينية» تقتل «شيرين» من جديد «السلطة الفلسطينية» تقتل «شيرين» من جديد



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon