بقلم - جيهان فوزى
«بصفتى رئيساً للشعب الفلسطينى، قررت اتخاذ الإجراءات الوطنية والقانونية والمالية كافة من أجل المحافظة على المشروع الوطنى»، هكذا بدأ الرئيس الفلسطينى محمود عباس خطابه الغاضب فى اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل يومين متهماً حركة حماس صراحة بالتورط فى تفجير موكب رئيس الوزراء رامى الحمدالله، ورئيس المخابرات العامة اللواء ماجد فرج أثناء زيارتهما إلى غزة لافتتاح أحد المشاريع دون انتظار نتائج التحقيقات فى الحادث أو مشاركة أجهزة الأمن فى غزة أية معلومات حول الحادث!. من حق الرئيس عباس أن يغضب، فعملية التفجير كانت ستؤدى إلى كارثة يدفع ثمنها الجميع فيما لو نجحت، لكن ليس من حقه أن يعاقب قطاع غزة بأكمله تحت ذريعة محاصرة حماس وتأديبها، وهى الذريعة التى يأخذ تحت عنوانها عشرات القرارات التعسفية الجائرة بحق أهالى القطاع المحاصر والمنكوب، غزة أصبحت الجحيم الذى يتنصل منه الجميع ويتمسح به الجميع!؟ فهل راقت لهم المقولة الشهيرة لرئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين «أتمنى أن أستيقظ لأجد غزة قد ابتلعها البحر»! هل باتت غزة ذلك اللغم المدفون فى أرض الصراع والخلافات ويوشك على الانفجار فى وجه الجميع؟
لقد بدأت خطابك يا سيادة الرئيس بصفتك رئيساً للشعب الفلسطينى، فهل هذا سلوك الرئيس الذى يحتوى شعبه؟ يفرق بين شمال وجنوب (الضفة الغربية وقطاع غزة) وهى غصة زرعها الاحتلال واستمرت وتكرست لسنوات رغم المحاولات المضنية لطمسها من قاموس شعب يقبع تحت نير الاحتلال وسياساته القائمة على مبدأ «فرق تسد»، الرئيس «أبومازن» هدم المعبد على مَن فيه وأحرق جسور التواصل واعتبر المصالحة عبثاً، أغلق بابها، بل إن خطابه يكرس لانفصال الضفة الغربية عن قطاع غزة للأبد وتقسيم الحركات الوطنية بحسب الانتماء. الرئيس أبومازن فتح أبواب غضب كامن من كافة الفصائل الفلسطينية التى لم يعجبها لغة الخطاب ولا التهديد المتضمن فيه واعتبروا أنه أعلن الحرب على الجميع. ربما تكون حماس قد نجحت باختراق العالم الخارجى وفتحت قنوات اتصال خارجية بعيدة عن سيطرته واستطاعت إقناعه وهذا ذكاء منها لا تتمتع به سلطة الرئيس أبومازن الذى ما زال يتباكى على التنسيق الأمنى مع إسرائيل ويمد أجهزتها الأمنية بالمعلومات التى تضر بأبناء شعبه المؤتمن عليه بحجة الحفاظ على الأمن والسلم، والأهم من كل ذلك ما ذنب غزة وأهلها بفرض تلك العقوبات وتحميلهم ما لا ناقة لهم به بسبب حركة حماس؟ فهل يتصور الرئيس عباس أن أهالى القطاع قادرون على مجابهة حماس فى ظل ظروف الخوار والإنهاك والضعف الذى يعيشونه؟!
الشواهد تؤكد أن الرئيس أبومازن ماضٍ فى إجراءاته التى تؤدى إلى التنصل من عبء غزة والطلاق البائن بينها وبين الضفة، فقراراته الأخيرة تعزز للانفصال عن الضفة الغربية والإجراءات القانونية والمالية ضد غزة واتهام حماس بالتورط فى محاولة الاغتيال قبل انتهاء التحقيقات هى أسرع وصفة لانهيار المصالحة ومحاولة لتمرير صفقة القرن بقرار منه. يكفى ما تعانيه غزة من الحصار والاحتلال وفرض المزيد من الإجراءات العقابية يعنى انهيار القطاع والغرق فى وحل الفوضى الخلاقة لصالح المشروع الصهيونى وتذليل العقبات أمام مصالح إسرائيل وأمنها، لقد أصبح لدى سكان القطاع يقين بأن الرئيس محمود عباس رغم إظهاره العداء لأمريكا وإسرائيل، إلا أن الحقيقة التى سيثبتها التاريخ أنه شريك، بل أداة طيعة استخدمت لتمرير صفقة القرن التى ستقضى على القضية الفلسطينية وتنهى ما تبقى من حلم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية إلى الأبد.
نقلا عن الوطن القاهرية