توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اتفاق التهدئة على المحك

  مصر اليوم -

اتفاق التهدئة على المحك

بقلم - جيهان فوزى

الاتفاق على صفقة لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، كان قاب قوسين أو أدنى من التحقق، لولا العراقيل والعقبات التى يضعها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ومجلس الحرب لإفشال الصفقة، دأب «نتنياهو» منذ بداية الحرب على غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، على وضع العصا فى الدواليب لإجهاض أى احتمال لتسوية سياسية قد تضع حداً للمجازر التى ترتكب يومياً ضد سكان قطاع غزة، غير آبه بالتحذيرات الأمريكية ولا النداءات الدولية ولا الأممية التى تطالب بوقف إطلاق النار، والرفض التام لاجتياح مدينة رفح الذى يهدد به نتنياهو كل يوم.

رفح هى المحطة الأخيرة لأكثر من مليون ونصف المليون نازح فلسطينى، ظلوا يتنقلون من «منطقة آمنة» لأخرى فى القطاع، والآن يستعدون لنزوح جديد فى أعقاب الحديث عن عملية عسكرية إسرائيلية وشيكة فيها، على الرغم من أن إسرائيل لم تقدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن خطة مقنعة لضمان سلامة المدنيين، ومن هنا تعارض إدارة بايدن شن عملية عسكرية على المدينة دون خطة واضحة لاجلاء المدنيين وتأمين المأوى والمأكل والمشرب والأدوية للحفاظ على سلامتهم.

ورغم أن المدنيين يمثلون أكبر عائق أمام إسرائيل فى خططها لاجتياح رفح، وتتضاءل معها فرصة الانتصار فيها، بما يعكس حقيقة أن أى عملية عسكرية إسرائيلية فى المدينة ستتحول إلى مجزرة مؤكدة، إلا أن هذا لم يغير من قرار حكومة الحرب شيئاً، ولا تلتفت إليه بل تمضى قدماً فى تجاه تنفيذ الضربة العسكرية التى طال انتظارها وتم تأجيلها أكثر من مرة.

لم تكن رفح فى يوم من الأيام ذات أهمية خاصة بالنسبة لحماس، ومن غير المعقول أن يمثل دخول رفح تحولاً فى موازين القوى يستحق ما أثير حول هذه القضية من صخب سياسى وإعلامى على المستوى الدولى.

هنا يطرح السؤال الجوهرى: ما الذى يريده نتنياهو من وراء التهديد باقتحام رفح والتأكيد مراراً أن حكومته ماضية فى التخطيط لهذا الاجتياح حتى وإن عارضته الإدارة الأمريكية فى ذلك؟ الجواب قد يكون مرتبطاً بالتكتيك الرئيسى الذى يتبعه نتنياهو والمتمثل بخلاصة مفادها لا وقف للحرب دون تسجيل انتصار ما يدرأ به عن نفسه سيل الاتهامات اللاحقة للحرب بالإهمال وسوء الإدارة والتقصير وتجاهل حياة الأسرى الإسرائيليين، ودفع الجيش إلى هجوم برى لا أهداف واضحة له ولا أفق سياسياً يعجّل الهجوم ويبرر نتائجه.

لقد ورط نتنياهو حكومته وجيشه فى سلسلة ثقيلة من الادعاءات المشكوك فى صحتها، فهو لطالما أعلن أنه قد فكك قوة حماس فى الشمال وفى غزة والوسطى وخان يونس، بحيث لا يستطيع الآن الاستمرار فى الحرب هناك لأن هذا قد يكشف زيف ادعاءاته، ولم يتبق أمامه سوى اختلاق هدف جديد يبرر له الاستمرار فى الحرب شهراً أو أكثر، على أمل أن مواصلة قصف المدنيين وقتلهم وتجويعهم، سيرغم حماس فى النهاية على القبول بالشروط الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، وإطلاق الأسرى الإسرائيليين لديها بأقل ثمن، ما يعطى نتنياهو الفرصة لإنقاذ نفسه وحكومته من السقوط المحتوم فى حال لم يتحقق ذلك. بالنسبة للمسئولين والمراقبين فقد تحولت الحرب إلى عملية ابتزاز وحشية لا تحقق أى إنجاز عسكرى ذى وزن، سوى وقوع المزيد من الضحايا الفلسطينيين الأبرياء الذين أصبحوا جوهر هذا الابتزاز.

لذا فإن الهدف الإسرائيلى الاستراتيجى هو الاستمرار فى الحرب، أما الهدف التكتيكى فهو متغير باستمرار، فتارة يكون جباليا، وتارة أخرى يكون مستشفى الشفاء، ثم مستشفى ناصر، ثم حى الأمل، وهكذا تمضى الحرب وتتنقل من هدف إلى آخر وصولاً إلى الهدف الأخير وهو رفح.

إن موقف الإدارة الأمريكية المعارض لاجتياح رفح لا يستند إلى الخشية من الآثار الإنسانية الكارثية الناجمة عنه فقط، بل يستند أيضاً إلى إدراك موثق بمعلومات دقيقة بأن هذا الاجتياح لن يحقق أى انتصار، يعادل حجم الخسارة والعزلة التى ستلحق بإسرائيل إذا ما نفذت هذه العملية، وهذا يعنى أن الإدارة الأمريكية تعرف على وجه اليقين أن رفح تخلو من أى أهداف حقيقية يمكن أن تغير من موازين القوى، وتدرك بالتالى أن الهدف الوحيد من وراء هذا الاجتياح لن يكون سوى إطالة أمد الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اتفاق التهدئة على المحك اتفاق التهدئة على المحك



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 16:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بنزيما يرشح كاسيميرو وعوار وفقير للانضمام لـ اتحاد جدة

GMT 23:51 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

شركة آسوس تطلق هاتفها الذكي Zenfone 6 الجديد

GMT 12:48 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

نقل سولاف فواخرجي للمستشفى بعد حادث أليم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon