توقيت القاهرة المحلي 12:33:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اتفاق التهدئة على المحك

  مصر اليوم -

اتفاق التهدئة على المحك

بقلم - جيهان فوزى

الاتفاق على صفقة لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، كان قاب قوسين أو أدنى من التحقق، لولا العراقيل والعقبات التى يضعها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ومجلس الحرب لإفشال الصفقة، دأب «نتنياهو» منذ بداية الحرب على غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، على وضع العصا فى الدواليب لإجهاض أى احتمال لتسوية سياسية قد تضع حداً للمجازر التى ترتكب يومياً ضد سكان قطاع غزة، غير آبه بالتحذيرات الأمريكية ولا النداءات الدولية ولا الأممية التى تطالب بوقف إطلاق النار، والرفض التام لاجتياح مدينة رفح الذى يهدد به نتنياهو كل يوم.

رفح هى المحطة الأخيرة لأكثر من مليون ونصف المليون نازح فلسطينى، ظلوا يتنقلون من «منطقة آمنة» لأخرى فى القطاع، والآن يستعدون لنزوح جديد فى أعقاب الحديث عن عملية عسكرية إسرائيلية وشيكة فيها، على الرغم من أن إسرائيل لم تقدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن خطة مقنعة لضمان سلامة المدنيين، ومن هنا تعارض إدارة بايدن شن عملية عسكرية على المدينة دون خطة واضحة لاجلاء المدنيين وتأمين المأوى والمأكل والمشرب والأدوية للحفاظ على سلامتهم.

ورغم أن المدنيين يمثلون أكبر عائق أمام إسرائيل فى خططها لاجتياح رفح، وتتضاءل معها فرصة الانتصار فيها، بما يعكس حقيقة أن أى عملية عسكرية إسرائيلية فى المدينة ستتحول إلى مجزرة مؤكدة، إلا أن هذا لم يغير من قرار حكومة الحرب شيئاً، ولا تلتفت إليه بل تمضى قدماً فى تجاه تنفيذ الضربة العسكرية التى طال انتظارها وتم تأجيلها أكثر من مرة.

لم تكن رفح فى يوم من الأيام ذات أهمية خاصة بالنسبة لحماس، ومن غير المعقول أن يمثل دخول رفح تحولاً فى موازين القوى يستحق ما أثير حول هذه القضية من صخب سياسى وإعلامى على المستوى الدولى.

هنا يطرح السؤال الجوهرى: ما الذى يريده نتنياهو من وراء التهديد باقتحام رفح والتأكيد مراراً أن حكومته ماضية فى التخطيط لهذا الاجتياح حتى وإن عارضته الإدارة الأمريكية فى ذلك؟ الجواب قد يكون مرتبطاً بالتكتيك الرئيسى الذى يتبعه نتنياهو والمتمثل بخلاصة مفادها لا وقف للحرب دون تسجيل انتصار ما يدرأ به عن نفسه سيل الاتهامات اللاحقة للحرب بالإهمال وسوء الإدارة والتقصير وتجاهل حياة الأسرى الإسرائيليين، ودفع الجيش إلى هجوم برى لا أهداف واضحة له ولا أفق سياسياً يعجّل الهجوم ويبرر نتائجه.

لقد ورط نتنياهو حكومته وجيشه فى سلسلة ثقيلة من الادعاءات المشكوك فى صحتها، فهو لطالما أعلن أنه قد فكك قوة حماس فى الشمال وفى غزة والوسطى وخان يونس، بحيث لا يستطيع الآن الاستمرار فى الحرب هناك لأن هذا قد يكشف زيف ادعاءاته، ولم يتبق أمامه سوى اختلاق هدف جديد يبرر له الاستمرار فى الحرب شهراً أو أكثر، على أمل أن مواصلة قصف المدنيين وقتلهم وتجويعهم، سيرغم حماس فى النهاية على القبول بالشروط الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، وإطلاق الأسرى الإسرائيليين لديها بأقل ثمن، ما يعطى نتنياهو الفرصة لإنقاذ نفسه وحكومته من السقوط المحتوم فى حال لم يتحقق ذلك. بالنسبة للمسئولين والمراقبين فقد تحولت الحرب إلى عملية ابتزاز وحشية لا تحقق أى إنجاز عسكرى ذى وزن، سوى وقوع المزيد من الضحايا الفلسطينيين الأبرياء الذين أصبحوا جوهر هذا الابتزاز.

لذا فإن الهدف الإسرائيلى الاستراتيجى هو الاستمرار فى الحرب، أما الهدف التكتيكى فهو متغير باستمرار، فتارة يكون جباليا، وتارة أخرى يكون مستشفى الشفاء، ثم مستشفى ناصر، ثم حى الأمل، وهكذا تمضى الحرب وتتنقل من هدف إلى آخر وصولاً إلى الهدف الأخير وهو رفح.

إن موقف الإدارة الأمريكية المعارض لاجتياح رفح لا يستند إلى الخشية من الآثار الإنسانية الكارثية الناجمة عنه فقط، بل يستند أيضاً إلى إدراك موثق بمعلومات دقيقة بأن هذا الاجتياح لن يحقق أى انتصار، يعادل حجم الخسارة والعزلة التى ستلحق بإسرائيل إذا ما نفذت هذه العملية، وهذا يعنى أن الإدارة الأمريكية تعرف على وجه اليقين أن رفح تخلو من أى أهداف حقيقية يمكن أن تغير من موازين القوى، وتدرك بالتالى أن الهدف الوحيد من وراء هذا الاجتياح لن يكون سوى إطالة أمد الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اتفاق التهدئة على المحك اتفاق التهدئة على المحك



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon