توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«استقالة جانتس».. الخروج من شِباك العنكبوت

  مصر اليوم -

«استقالة جانتس» الخروج من شِباك العنكبوت

بقلم - جيهان فوزى

يرى العقلاء فى إسرائيل، من بينهم مسئولون سياسيون ومحللون عسكريون، أن إسرائيل أصبحت عالقة على كل الجبهات، وهى كذلك منذ أشهر، وربما حان الوقت لتكتسح جبهة المعارضة على نطاق واسع الحكومة، وسط موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات والمظاهرات فى الشارع الإسرائيلى المندّدة بسياسة الحكومة تجاه الحرب على غزة وأدائها فى التعامل مع ملف الأسرى. لم يكن أمام بينى جانتس زعيم حزب معسكر الدولة، ولا جادى آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلى السابق والعضو فى حكومة الطوارئ، إلا الاستقالة، بعد مشوار قطعاه فى مجلس الحرب متخم بالجدل والمعارضة، وعدم الرضا عن سياسات نتنياهو واليمين الصهيونى المتطرف فى التعامل مع الحرب.

لقد لعب جانتس منذ البداية دوراً بارزاً فى قرارين حاسمين فى الحرب على غزة، ففى الأسبوع الأول من توليه منصبه، وقف إلى جانب نتنياهو بحزم فى معارضة مطالب وزير الدفاع يوآف جالانت، وجنرالات الجيش، بتنفيذ هجمات استباقية على حزب الله فى لبنان. وبعد شهرين كان جانتس وجالانت إلى جانب جادى آيزنكوت، هم الذين ضغطوا على نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار لمدة أسبوع مع حماس، والذى ضمن إطلاق سراح 105 من الأسرى. لكن لماذا استقال جانتس وآيزنكوت من مجلس الحرب رغم دورهما المحورى، ليتركا نتنياهو وجالانت وحيدين فى مواجهة بن جافير وسموتريتش؟

ربما لأنهما توصلا إلى قناعة بأن نتنياهو يستخدمهما فى مواجهة بن جافير وسموتريتش كحائط صد، يتفادى من خلاله انتقادات اليمين المتطرف لعدم تصعيد الحرب وتوسيع دائرة المواجهة، سواء على الحدود الشمالية أو فى غلاف غزة. لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستُجبر مغادرة جانتس وآيزنكوت بنيامين نتنياهو على اتخاذ القرار الصعب، وهو وقف إطلاق النار؟

لقد رسمت هذه الاستقالة ثلاثة احتمالات متعادلة، أولها أن نتنياهو سيتخلص بهذه الاستقالة من المعارضة العنيدة فى مجلس الحرب، وسيصبح قادراً على اتخاذ قراراته المتطرّفة محافظاً بذلك على ائتلافه البرلمانى وتماسك حكومته، وهو ما قد يغريه بالتشبّث بموقفه الرافض لوقف إطلاق النار النهائى والدائم أياً كان الثمن. وثانى تلك الاحتمالات أن تفتح هذه الاستقالة الباب على اتساعه أمام تشكيل ائتلاف معارض يستند إلى تحول جاد فى الرأى العام الإسرائيلى الذى بات مستعداً أكثر من أى وقت مضى لقبول فكرة أن النصر المطلق هو وهم وخديعة يحاول نتنياهو من خلالهما إطالة أمد الحرب، ما يعنى إطالة عمره السياسى. وثالثها أن تتمكن الولايات المتحدة بضغوط جدية ومباشرة من إرغام نتنياهو على قبول تصورها للحرب وما بعدها، سواء فى غزة أو فى الشمال.

وفيما يبدو فإن الحكومة الإسرائيلية أصبحت الآن جزءاً من معادلة صفرية لا يمكن فيها تحقيق مكسب على صعيد ما دون خسارة معادلة على الصعيد المقابل، بمعنى أن القبول بتماسك الائتلاف اليمينى والحفاظ على الحكومة إذا كان مكسباً، فسيُقابل هذا خسارة محتمة فى علاقة الحكومة بالرأى العام المحلى والدولى، وأيضاً إذا نجحت واشنطن فى إقناع نتنياهو بالقبول بسياستها، فسيقابل هذا خسارة مؤكدة لنتنياهو فى علاقته مع اليمين المتشدّد، مما قد يُهدّد الائتلاف الحكومى بالتفكك، ويقودنا هذا الاستنتاج القسرى إلى أن كل الخيارات أمام نتنياهو باتت غير أكيدة وعلى درجة كبيرة من الشك فى قدرتها على تجميد الخسارة الاستراتيجية.

كان جانتس ذكياً فى تبريره للانسحاب من حكومة الحرب، فقد أسّس موقفه على استنتاج واضح بأن الحرب لن تُحقق أهدافها، وأن الحكومة فشلت فى اتخاذ القرارات الصائبة من الناحية الاستراتيجية تحت وطأة القرارات السياسية قصيرة النظر، التى اتخذها نتنياهو على مدار الأشهر الثمانية الماضية، وكذلك فعل آيزنكوت الذى شكّك فى إمكانية الانتصار فى هذه الحرب، ونبّه إلى ضرورة التوقف عن الانسياق وراء أضاليل نتنياهو ومزاعمه التى لم تحقّق إنجازاً واحداً مما وعد به الإسرائيليين.

فى كل الأحوال استقبلت المعارضة الإسرائيلية، على اختلاف مكوناتها، تلك الاستقالة بارتياح شديد، وبدأت على الفور مشاورات جادة لتشكيل جبهة ائتلافية مضادة مؤسسة على أن نتنياهو وإن كان ما زال يحتفظ بالشرعية البرلمانية، فإنه فقد الشرعية بمعناها الأوسع، لأنه بات فى خط مضاد، سواء لتوجّهات الشارع الإسرائيلى أو للسياسات التى بدأت بالتبلور لدى حلفاء إسرائيل على المستوى الدولى، والتى أصبحت تنظر بارتياب، وبكثير من الحذر إلى ما تعتبره سلوكاً إسرائيلياً مغامراً وطائشاً، يعرّض مصالح الغرب للخطر فى هذا الجزء الحساس من العالم.

وطالما أن خيارات نتنياهو ضاقت إلى هذا الحد، فقد بات مجبراً على التفكير ملياً فى ما تعرضه واشنطن، وبالتحديد ما جاء فى خطاب بايدن، الذى منح الأولوية القصوى لوقف إطلاق النار، ودخول المساعدات، وتبادل الأسرى. ويحاول نتنياهو فى هذا الصدد أن يبقى موقفه مرناً وغامضاً فى الوقت نفسه، فهو يقبل الصفقة، لكنه يرفض منح أى ضمانات بالوقف الكامل والنهائى والانسحاب الشامل من غزة، بمعنى أنه يريد أن تكون المفاوضات التى ستتم خلال المرحلة الأولى من تنفيذ الصفقة بعد سريانها العامل الحاسم فى تقرير مصير الحرب فى المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق.

لذا تفهم الإدارة الأمريكية مخاوف نتنياهو، لكنها تبدو على قناعة أكيدة بأن توقف الحرب وبدء تنفيذ الاتفاق فى مرحلته الأولى، سيجعل العودة إليها أمراً صعباً للغاية، ربما بسبب ما تعتقد واشنطن أو ما تتوقعه من تبدّلات جوهرية فى الخارطة السياسية الإسرائيلية ما إن تتوقف الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«استقالة جانتس» الخروج من شِباك العنكبوت «استقالة جانتس» الخروج من شِباك العنكبوت



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 16:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بنزيما يرشح كاسيميرو وعوار وفقير للانضمام لـ اتحاد جدة

GMT 23:51 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

شركة آسوس تطلق هاتفها الذكي Zenfone 6 الجديد

GMT 12:48 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

نقل سولاف فواخرجي للمستشفى بعد حادث أليم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon