توقيت القاهرة المحلي 20:47:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأزمة الاقتصادية».. تبدد حلم جنة إسرائيل

  مصر اليوم -

«الأزمة الاقتصادية» تبدد حلم جنة إسرائيل

بقلم - جيهان فوزى

 

الحرب على غزة ليست نزهة لإسرائيل، ولا انتصاراً تحاول ترويجه للإسرائيليين بجلب الأمن والأمان الدائم لهم، بل إن الثمن الذى ينتظر إسرائيل على المستويين السياسى والاقتصادى باهظ التكاليف، خسرت إسرائيل سياسياً الكثير من الدعم والتعاطف الغربى سواء كان على المستوى الشعبى أو الرسمى، بينما يتأزم وضعها الاقتصادى بشكل غير مسبوق بسبب الحرب على غزة، وبعد أن فجرت وكالة موديز قنبلة إضافية أخرى ضد إسرائيل، عندما خفضت تصنيفها الائتمانى من A مكرر إلى A مفردة، استناداً إلى المؤشرات الدقيقة بتفاقم العجز فى ميزان المدفوعات من فائض قدره 4 مليارات دولار فى العام الماضى، إلى عجز قدره 6 مليارات دولار فى العام الجارى، فضلاً عن ارتفاع الدين العام إلى ما يقارب 300 مليار دولار، يمثل الدين الخارجى منها 15% وذلك بسبب الحرب على غزة.

وقد زادت وكالة فيتش الطين بلة عندما أكدت فى تقريرها الصادر قبل أسبوعين ما ذهبت إليه موديز، لكنها أضافت أن تصاعد مخاطر اندلاع حرب فى شمال إسرائيل مع حزب الله يلقى ظلالاً من الشكوك على قدرة الاقتصاد الإسرائيلى على احتمال المخاطر المترتبة على اتساع نطاق الحرب.

وذهبت إلى أبعد من ذلك، مشيرة إلى أن الوضع الاقتصادى الإسرائيلى الحالى سيفضى حتماً إلى اضطرابات داخلية عميقة استناداً إلى ثلاثة مؤشرات: أولها تخفيض نسبة المدفوعات للحماية الاجتماعية، وثانيها رفع أسعار الفائدة، وثالثها انسحاب 19% من الشركات الصغيرة والمتوسطة من الأسواق، وتلك المؤشرات بمجملها تعنى نقصاً فى الدخل الذى كانت توفره الدولة للشرائح السكانية الواسعة المقبولة فى نظام التأمين الاجتماعى، ونقصاً فى القدرة على الاقتراض الاستثمارى من البنوك بسبب الفائدة المرتفعة، وزيادة نسبة البطالة المترتبة على مجموع هذه العوامل.

إن الاقتصاد الإسرائيلى بقاعدته الصناعية والإنتاجية والقوية والمتنامية، يمكنه احتمال الهزات الناجمة عن الحرب لفترة قد تستمر أشهراً، لكنه الآن وبعد أن دخلت الحرب شهرها السادس بدأ بالانكشاف أمام تحديات لم يألفها، ولم يسبق أن تعامل معها منذ عام 1973 عندما قادته حرب أكتوبر إلى ركود دام ما يقارب 10 سنوات.

ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية بغطرستها المعهودة، تراهن أولاً وقبل كل شىء على أن الجزء الأكبر من مستورداتها الحربية، سيكون بمثابة هبات مجانية من الدول الحليفة والصديقة وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، غير أن المشكلة هى أن الإنفاق على الحرب لا يتعلق بتلك المستوردات، إنما يتعلق بأوجه الإنفاق الأخرى التى تعتبر من الآثار الجانبية للحرب، مثل تعويضات المصابين والمعاقين وإسكان النازحين من مستوطنات الشمال على الحدود اللبنانية، والجنوب مع غلاف غزة، ودعم الشركات التى فشلت فى المحافظة على قدراتها الإنتاجية بسبب استدعاء موظفيها وعمالها إلى الجيش كقوة احتياط، وهذا رفع الإنفاق الجانبى من 24 مليار دولار إلى 40 مليار دولار، وسيرتفع أكثر إلى ما يقارب 55 مليار دولار، إذا ما اتسع نطاق الحرب ليشمل جنوب لبنان.

لكن لا يبدو المجتمع السياسى الإسرائيلى قلقاً إزاء تلك المؤشرات، فقد بُرمج عقل الناخب الإسرائيلى على الخوف من مخاطر حرب وجودية، تمس أسس وجود واستمرار الدولة اليهودية، لذا فمن المحتمل أن يتقبل الشارع الإسرائيلى بعض التضحيات التى يمكن وضعها أو تصنيفها ضمن مميزات الرفاهية العامة، لكن جزءاً من هذا المجتمع فقد القدرة على الاحتمال يقدر بنحو 900 ألف إسرائيلى، غادروا البلاد فعلاً سواء بشكل دائم أو مؤقت ولأسباب عدة، بعضها يتعلق بالخوف وأخرى تتعلق بالثقة فى المستقبل، وثالثة رغم محدوديتها تتعلق بصحوة الضمير. ومع ذلك لا يزال وزير المالية الإسرائيلية «بتسيلئل سموتريتش» يعاند الحقائق ويصر على أن تقديرات المؤسسات الائتمانية الدولية متسرعة وتفتقر إلى الدقة والموضوعية، وما زالت الحكومة الإسرائيلية تعتقد أن حجم الدين الخارجى الذى لا يزيد الآن على 42 مليار دولار يتيح لها اقتحام سوق السندات ليس لتعويض العجز فى ميزان المدفوعات فقط، بل لتوفير احتياطى نقدى أجنبى لمواجهة احتمالات استطالة أمد الحرب أو توسعها، لكن سيكون هذا بالتأكيد على حساب مستوى الرفاهية التى تمتع بها الإسرائيليون منذ نهاية التسعينات وحتى الآن.

وباعتبار أن إسرائيل لم تتمكن من اجتذاب يهود العالم إلا بما تقدمه من حوافز لأولئك المهاجرين الجدد، فإن النقص الحاد فى مستوى الرفاهية الذى تعودوا عليه سيدفع أولئك المهاجرين إلى إعادة النظر فى قرارهم التوطن فى الجنة الموعودة. ويبدو أن «نتنياهو» فى قراره شن هذه الحرب الوحشية على غزة، لم يدر فى خلده أن هناك أثماناً غير محسوبة ولا معلنة ستضطر إسرائيل إلى دفعها من حاضرها ومستقبلها كنتيجة مباشرة لتلك الحرب، وهو فى الحقيقة أمر مألوف لدى معظم القادة العسكريين والسياسيين فى إسرائيل المحكومين بعقدة القوة والرغبة الجامحة فى السيطرة، ومثل هؤلاء يعجزون عن إدراك الصورة الشاملة للحرب التى يشعلون فتيلها، ولا يستطيعون تخيل النتائج الكارثية المترتبة على استمرار الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأزمة الاقتصادية» تبدد حلم جنة إسرائيل «الأزمة الاقتصادية» تبدد حلم جنة إسرائيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين
  مصر اليوم - مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين

GMT 16:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
  مصر اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد

GMT 04:30 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

الزمالك يدرس بيع فرجاني ساسي ومحمود علاء

GMT 18:16 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

رينيه فايلر يرفض إراحة لاعبي الأهلي عقب لقاء المقاصة

GMT 04:01 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

Brabus تستعرض أسرع سيارات مرسيدس من الفئة "G"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon