توقيت القاهرة المحلي 23:16:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين الإنساني والسياسي.. خلط فاضح

  مصر اليوم -

بين الإنساني والسياسي خلط فاضح

بقلم - جيهان فوزى

إنسانيتك مهددة بالقمع وربما ضياع مستقبلك، إذا عبرت بما يتعارض مع الهوى والسردية الإسرائيلية، فأنت معرض للمقاضاة وأحياناً إنهاء حياتك.

هذه هى الدعاية الصهيونية التى تمتلكها إسرائيل منذ نشأتها للتعاطف معها، وإبعاد أى شبهة عن مشروعها التوسعى الطامع فى إرساء حدود دولتها من النيل إلى الفرات، حسب المخطط الصهيونى الأول والذى لا يزال حلماً يداعب قادة إسرائيل.

الحرب الدائرة فى غزة نفضت الغبار عن جدار الصمت وطمس الحقيقة وتزييف الوعى، التى طالما انتهجتها آلة الدعاية الصهيونية ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض الشرعيين، وللأسف طالت هذه الدعاية عقول وأفكار بعض العرب، الذين باتوا مقتنعين بحق إسرائيل فى أرض فلسطين، وأنهم ظلموا عبر التاريخ، مستندين إلى الهولوكوست الذى تعرضوا له فى ألمانيا النازية، ووجودهم التاريخى على أرض فلسطين دون تحقق من هذه السردية التى تفتقر إلى الدلائل والإثباتات.

رغم أن من اضطهدهم هم الأوروبيون، وليس الفلسطينيين، الذين كانوا الحاضن لهم على مر العصور، يعيشون معهم، ويعاملونهم أحسن معاملة باعتراف حاخامات يهود.

الحرب الأخيرة على غزة كانت كاشفة للعديد من الإخفاقات والانتكاسات الإنسانية والاجتماعية، خاصة إذا ما تعلق الأمر بإعلان شخصية شهيرة فى أى مجال علناً، وبطريقة واضحة عن مشاعر التعاطف مع الفلسطينيين، فهو ليس بالأمر السهل، وأحياناً يمر بانتقادات واتهامات بمعاداة السامية.

وقد يصل الأمر إلى العقاب الفورى، فتتوقف مؤسسات عن التعامل مع هذا النجم أو ذاك، لأنه فقط عبر عن رأيه الشخصى، خاصة فى المأساة الجارية فى غزة بكل ظروفها وتداعياتها الخطيرة.

ومن غير المبرر أن تتحول القضية الإنسانية البحتة وارتهانها بالإسلام السياسى الذى تمثله حركة حماس، ومن ثم إبعاد أى شبهة انتماء لهذا التيار الذى يوصمه العالم الأول بالإرهاب.

اختلاط المفاهيم بين السياسى والإنسانى أمر غاية فى الخطورة، وإلا لما قامت دولة بحجم جنوب أفريقيا برفع دعوى على إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، تتهمها فيها بممارسة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين مع سبق الإصرار والترصد، فالموقف أصبح أكبر من حصره فى حركة مقاومة تقاتل لأنها تنتمى إلى الإسلام السياسى، القضية قضية شعب يقاتل من أجل حريته وحقوقه المهضومة منذ عقود، وأرضه التى يستولى عليها الاحتلال يوماً بعد يوم، لتوسيع وبناء المستوطنات، وكذلك الحصار الخانق الذى فُرض على غزة منذ نحو عقدين لا متنفس ولا مستقبل فى هذا السجن المفتوح الأكثر معاناة فى العالم.

وعلى الرغم من هذا الخلط الفاضح الذى يمارسه بعض الإعلاميين وممثلى الدعاية الصهيونية الممنهجة والمنظمة، هناك الكثير من المشاهير حول العالم الذين عبروا عن تعاطفهم مع ما يحدث فى غزة، لهول المأساة التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى من حرب إبادة وتجويع، هذه البقعة الصغيرة من العالم التى صمدت ولا تزال لما يقارب الأربعة شهور، ولا أحد يساعدها، أو تستوقفه صرخاتها وأوجاعها!.

ومن هؤلاء الممثلة والمغنية ومصممة الأزياء الأمريكية «روبين ريانا فينتى» التى قالت عبر حسابها فى إنستجرام: «أنا أصلى من أجل السلام، ومن أجل إنهاء العنف، ومن أجل سلامة الجميع»، فيما نشر المغنى ومؤلف الأغانى الكندى «جاستن بيبر» صورة على تويتر لامرأة وطفل فلسطينيين ملقيين على الأرض وكتب يقول: «إنه لأمر فظيع.

علينا أن نوقف هذا الأمر»، كذلك عارضة الأزياء البريطانية الشهيرة «نعومى كامبل» التى أظهرت تعاطفها مع أطفال فلسطين قائلة: «الأطفال يجب ألا يعانوا».

كما أصدر أكثر من 200 ممثل وفنان بريطانيين بياناً أعلنوا فيه عن تضامنهم مع الفلسطينيين، ورفضهم للحرب العدوانية التى تشنها إسرائيل على غزة، وطالبوا بإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال، وبالطريقة ذاتها عبرت المغنية الأمريكية «ليدى جاجا»، والممثلة الأمريكية الشهيرة «جوهانسن إسكارليت»، وممثلة هوليوود الأمريكية «سوزان ساراندون» ونجم كرة السلة الأمريكية السابق «مايكل جوردان» وآخرون، لم يستوقفهم الجانب السياسى، بل نظروا للجانب الإنسانى البحت، لم يقولوا هذا الإسلام السياسى الإرهابى فى مواجهة قوى الخير الإسرائيلية التى يجب أن تنعم بالأمن والأمان؟!

بل نظروا إلى قضية شعب محتل منذ 75 عاماً، ذاق فيها الفلسطينيون كل ويلات القمع والمعاناة والاعتقال والتهجير والقتل، فما هو المنتظر من هذا الشعب حتى لا يوصم بالإرهاب؟!.

أن تختزل معاناة شعب بأكمله يكافح احتلالاً غاصباً منذ عقود، لمجرد أن من يتصدر المواجهة مع هذا الاحتلال مقاومة تنتمى إلى الإسلام السياسى، فهذا ظلم لقضية شعب، يناضل من أجل الحصول على حقه فى الحياة والحرية والسلام، وإقامة دولته المستقلة، مثله مثل بقية شعوب الأرض، التى نالت حريتها واستقلالها، بدعم ومساندة من المجتمع الدولى، الذى للأسف أظهر ازدواجية مقيتة فى المعايير، حينما يتعلق الأمر بإسرائيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الإنساني والسياسي خلط فاضح بين الإنساني والسياسي خلط فاضح



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 04:37 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يصدّ هجومًا جويًا حوثيًا في خليج عدن
  مصر اليوم - الجيش الأميركي يصدّ هجومًا جويًا حوثيًا في خليج عدن

GMT 17:50 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جمال سليمان يعلن رغبته في الترشح لرئاسة سوريا
  مصر اليوم - جمال سليمان يعلن رغبته في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
  مصر اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 22:16 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

المصري يهنئ إسلام أبو سليمة بزفافه

GMT 14:33 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مطلوب موظفين بعدة مجالات في الكويت والامارات

GMT 12:23 2020 الجمعة ,24 تموز / يوليو

أوستين أموتو يعود لتدريبات المصري الجماعية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon