توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بعد الصدمة.. مآسٍ بلا حلول

  مصر اليوم -

ما بعد الصدمة مآسٍ بلا حلول

بقلم - جيهان فوزى

أطفال غزة بالتحديد يعيشون تبعات ما بعد الصدمة، بعد تعرضهم لويلات الحروب الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة، فالصدمة العاطفية مشكلة تواجه عدداً كبيراً من الأشخاص. بحسب الأبحاث والإحصائيات العلمية فإن 70% من البشر عانوا منها فى مرحلة ما من حياتهم، وهى مشكلة خطيرة قد تؤدى إلى اضطرابات نفسية واجتماعية قوية. والصدمة تأتى نتيجة حدث سلبى فى الحياة يؤدى إلى الشعور الحاد بالأذى العاطفى أو العقلى.الحروب المتتالية التى يشهدها قطاع غزة خلقت جيلاً جديداً من الأطفال يعانى من ضغوط هائلة واضطرابات نفسية عديدة، أقلها التبول اللاإرادى والخوف والقلق والاهتزاز النفسى والعاطفى، أطفال فتحوا أعينهم على الحياة ليجدوا أنفسهم بين حطام البيوت المدمرة، وسماع دوى القذائف والصواريخ، وأزيز الطائرات التى تحلق فى أجواء غزة ليلاً ونهاراً دون انقطاع (الزنانة)، بدلاً من استقبال الحياة باللهو واللعب فى الحدائق والملاهى وتلقى التعليم فى مدارس بأمان، لكن الذى يحدث فى غزة غير ذلك، فمتعة الأطفال الوحيدة هى اللهو بالبنادق البلاستيك وتداول الألفاظ والكلمات التى لا تخرج عن أجواء الحروب والموت والدمار، فلا يوجد عائلة فى غزة لم تفقد أباً أو أماً أو أخاً أو قريباً أو جاراً، عندما يتفتح ذهن الطفل الذى يستقبل الحياة بموت أحد عائلته أو أقربائه، وكل ما يصل أذنيه هو صوت أزيز الطائرات والقصف والانفجارات، فبالتأكيد لن يكون طفلاً سوياً، إما أن يصيبه الهلع والاكتئاب أو يتحول إلى مجرم مجرد من المشاعر الإنسانية، وبالتصنيف الدولى «إرهابى» وربما مشروع قاتل بالفطرة! مشاهد الدمار والقتل التى تسكن خيال الأطفال فى غزة وتداعب أحلامهم، ستصبح عادة مألوفة مع الوقت من كثرة تكرارها. تشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، إلى أن هناك مليون طفل يعيشون فى غزة، ويبدو أن قدر هؤلاء بالعيش فى تلك البقعة، حتم عليهم رؤية الموت رؤى العين، بين حرب تنتهى وأخرى تبدأ، إذ تشير «اليونيسيف» أيضاً إلى أن هناك نحو250 ألف طفل من أطفال غزة يعانون من مشكلات نفسية، وهم بحاجة إلى المساعدة والدعم النفسى، ومن مفارقات القدر أن يستشهد 11 طفلاً من غزة نتيجة القصف الجوى الأخير على غزة من أصل 60 طفلاً كانوا يشاركون فى برنامج «مجلس اللاجئين النرويجى» التابع لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، الذى يهدف إلى مساعدتهم على التعامل مع الآثار النفسية الناجمة عن المآسى التى يعيشونها ما بعد الصدمة.خلال الجولة الأخيرة من الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين فى غزة، تحدث كثير من السكان ومن المختصين بالدعم النفسى للأطفال، عن معاناة نفسية هائلة وضغوط شديدة يتعرض لها الأطفال الذين كانوا يفزعون من النوم خلال ساعات متأخرة من الليل، على أصوات انفجارات هائلة، ربما تكون قريبة جداً من منازلهم، وهو ما يصيبهم بحالة من الفزع، ويجعلهم فى حالة خوف من العودة إلى النوم، خشية احتمالات موتهم نائمين فى واحد من تلك الانفجارات. الآثار النفسية على الأطفال التى خلفتها مشاهد الدمار والعدوان الإسرائيلى على غزة فى جولته الأخيرة، وفقاً لأطباء نفسيين، ستمتد لفترة طويلة، والأعراض النفسية المرتبطة بالخوف تصيب أطفال غزة بالاكتئاب والقلق والاضطرابات السلوكية، وعصبية المزاج والعدوانية وغيرها من الأعراض السلوكية العنيفة، والمهزوزة. لقد حذرت منظمة «أنقذوا الأطفال» من أن أطفال غزة سيعانون لسنوات قادمة من الخوف والقلق وقلة النوم، وتظهر عليهم علامات القلق مثل الاهتزاز المستمر والتبول اللاإرادى.إن التعامل مع الأطفال، خصوصاً الذين يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة ليس سهلاً، كما أن قطاع غزة غير مؤهل لمثل تلك الحالات، فهو يعانى من أزمة اقتصادية مزمنة، فضلاً عن أنه لا يتمتع برفاهية التأهيل النفسى لعدم توافر الإمكانات اللوجيستية الضرورية، صحيح أنه يوجد برنامج غزة للصحة النفسية الذى يقدم نصائحه للعائلات فى كيفية التعامل مع الأطفال ما بعد الصدمة، لكنه غير كافٍ، مطلوب دعم مؤسسات دولية مؤهلة، عبر برامج علمية متطورة تستهدف معالجة اضطرابات ما بعد الصدمة لدى الأطفال الذين تعرضوا لصدمة الحرب، فهم يحتاجون إلى عناية طويلة الأمد، عبر منحهم المزيد من الدعم النفسى والاهتمام، والأمهات على وجه الخصوص، مطالبات بمراقبة أطفالهن الذين عاشوا تجربة الحرب، تحسباً لظهور اضطرابات نفسية، مثل اضطرابات المزاج والشخصية، وعدم الإحساس بالذات، وفقدان الذاكرة وضعف التركيز، غير أن الاعتماد على الأمهات فى المنازل لا يكفى، فالغالبية العظمى منهن غير مؤهلات لمثل هذه الحالات، ولا يملكن سوى التجربة التى عايشنها مع أطفالهن والخبرة الفطرية التى نتجت عن تجاربهن مع الحروب. أطفال غزة بحاجة إلى إنقاذ، وتسليط الضوء على ظروفهم عبر برامج تأهيل نفسى متكامل، قبل فوات الأوان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الصدمة مآسٍ بلا حلول ما بعد الصدمة مآسٍ بلا حلول



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon