توقيت القاهرة المحلي 07:37:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان.. شعب وهوية

  مصر اليوم -

لبنان شعب وهوية

بقلم: جيهان فوزى

لبنان عروس الشرق، لا تستحق أن يسحقها الفساد والفاسدون والتعصب الطائفى والحزبى، والمصالح السياسية الخاصة، الشعب اللبنانى شعب يحب الحياة ويعشق الجمال ويتنفس الحرية، لا يستطيع أن يتقوقع فى بوتقة القهر وتصفية الحسابات على حساب طموحاته وأحلامه، مرت عليه حروب جليلة اكتوى بنار الطائفية ومزقت وحدته وبهاءه الحرب الأهلية التى استمرت لعقود (1975-1990) بسبب الطبيعة الطائفية السياسية، هو شعب يعشق الحياة ويكتمل بالجمال، ولا يحتمل المزيد من الضغط والقهر، مشكلة لبنان فى أحزابها الكثيرة وهيمنة الطائفية على الهوية والمصلحة الوطنية، ولأن الكوتة الطائفية لها جلالها! فكان لا بد من الصراع للحفاظ على مقاعد التمثيل السياسى والمذهبى التى تؤهل كل حزب لاقتطاع جزء من جسد هذا البلد الرشيق، دون الالتفات إلى حاجته الحقيقية للاستقرار السياسى والاقتصادى وترسيخ الهوية التى مزقتها الطائفية، فتُرك نهباً لصراع ممتد لا ينتهى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ووسط هذا التغول الذى ضرب عصب الدولة والنسيج المجتمعى، تفرق الشعب وتاهت أحلامه وتُركت هويته على أعتاب الضياع، لقد طفح الكيل ولم يعد بالإمكان الاحتمال وهذا الشعب يرى لبنانه تنهار بفعل سياسييها ومفسديها، انتفض لبنان وخرج الشعب دون مسميات ودون أجندات ليعبر عن غضبه ورفضه لما آل إليه الحال من فقر وبطالة وعزلة دولية وتدخلات إقليمية، فهل كان المطلوب أن يستغرق فى صمته؟!

لقد تنبأ العديد من الخبراء بهذا الانهيار، وتحدث فيلم «كفر ناحوم» للمخرجة المبدعة نادين لبكى عن المجتمع المنسى والمهمش فى هذا البلد الجميل، وعكس الفيلم ذلك الواقع المؤلم الذى يعيش فيه معظم الشعب اللبنانى، ويكفى جملة بطل الفيلم الطفل زين عندما أراد محاكمة والديه وسأله القاضى بأى تهمة ليجيب «لأنهم خلفونى»!! لم يكن الفيلم للإبداع الفنى فقط وإنما يحمل رسالة تحذير وتنبيه، فكان مرآة الواقع المرير الذى يعيشه اللبنانيون منذ عقود وهم فى انتظار انفراجة ما، يتجرعون كؤوس الإحباط واليأس، نادين لبكى سلطت الضوء على المشاكل المستعصية والمسكوت عنها التى يعانى منها شعبها، وتركت الأسئلة الحائرة مفتوحة على ألسنة الناس ليجيب عنها المسئولون فى الدولة، لذلك نجح الفيلم فنياً ولاقى إقبالاً جماهيرياً وحاز عدة جوائز دولية ومحلية.

منذ سنوات ولبنان يعيش على صفيح ساخن، واختصار المظاهرات التى خرجت إعلاناً لرفض الظروف المعيشية التى يتعرض لها اللبنانيون فى شكل الحسناوات اللاتى خرجن للتعبير عن غضبهن جنباً إلى جنب الرجال، إنما يعبر عن ضيق أفق وجهل وثقافة ضحلة يغلب عليها الفكر الذكورى القاصر على جسد المرأة، المجتمع اللبنانى مجتمع منفتح مثقف ناضج يتمتع بالحرية والاستقلالية، ولا يعانى عُقَد المجتمعات العربية الذكورية التى تختزل المرأة فى محاسنها، وتتجاهل قيمتها كإنسان، هذا الجهل والإفراط فى التركيز على الشكل وتجاهل المضمون الذى خرجوا من أجله فى الانتفاضة الغاضبة التى توحد عليها جموع اللبنانيين دون تمييز طائفى أو عرقى، يؤكد أننا ما زلنا نعانى حالة الإنكار والعجز فى تجاوز ثقافة الانبطاح وأزمة التمييز، إن اختزال أحداث لبنان المشتعلة بالتركيز على جمال المرأة اللبنانية وطبيعتها المنفتحة هو تقزيم للقضية وإساءة إلى اللبنانيين وانتفاضتهم التى جاءت تعبيراً عن رفض الفساد وتدنى الأحوال المعيشية والأزمة الاقتصادية الطاحنة التى يعانون منها منذ سنوات والتدخلات الخارجية التى أنهكت المجتمع اللبنانى وأصابته فى مقتل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان شعب وهوية لبنان شعب وهوية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon