توقيت القاهرة المحلي 07:37:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«جامعة النجاح».. البيت والوطن

  مصر اليوم -

«جامعة النجاح» البيت والوطن

بقلم: جيهان فوزى

كانت مثل «جبل النار»، لقب مدينة نابلس فى الضفة الغربية التى تحتضنها، عصية على الانكسار صامدة كالصنديد، عنيدة لا تعرف الهزيمة، لم تدخل جحر الهروب ولم تطأطئ رأسها مذلة لتعاليم الاحتلال، «جامعة النجاح الوطنية»، هذا الصرح العظيم الذى لم يخضع لأساليب الابتزاز والتهديد والترهيب، لغة الاحتلال الوحيدة فى فرض سياساته القمعية، أُغلقت بفعل القرارات العسكرية الإسرائيلية عشرات المرات طوال مرحلة دراستى بها، عايشنا فيها أجمل الذكريات احتضنت أحلامنا، وتبنّت مواهبنا وآمالنا، وتجاوبت مع أمانينا وشططنا وحماساتنا، بين مكايدة الاحتلال الإسرائيلى ورفض محاولاته السيطرة على مقدراتها وبين المناكفات السياسية التى اعتادت عليها الحركة الطلابية بكافة أطيافها وتنوعها الأيديولوجى والسياسى، بين الضحكات الخارجة من القلب المنطلقة بلا قيود، والدموع المنهمرة من المآقى تغسل مرارات الألم ووجع الاعتقال والقتل لزملائنا والاقتحامات الإسرائيلية المتكررة لحرم الجامعة دون الاكتراث لحرمة المكان ومكانته.

أسعدنى كثيراً خبر وقعت عينى عليه بعنوان: «تصنيف عالمى متقدم لجامعة النجاح الوطنية محلياً وعربياً وعالمياً»، يقول الخبر: تألقت جامعة النجاح الوطنية فى التصنيفات العالمية من تصنيف الويبومتركس العالمى (نسخة يوليو 2019) الذى يضم أكبر وأعرق الجامعات العالمية، مثل جامعة هارفارد، وجامعة أكسفورد، وجامعة بوسطن، وجامعة مانشستر وجامعة تورنتو وغيرها من الجامعات العالمية العملاقة. وتبوأت «جامعة النجاح» المركز الأول فلسطينياً والمركز 22 عربياً والمركز 1741 عالمياً من أصل حوالى 26000 مؤسسة تعليم عالٍ فى العالم، وبذلك تكون جامعة النجاح فى مصاف أفضل 6% من الجامعات فى العالم.

استوقفنى الخبر وعادت بى الذاكرة إلى تلك المرحلة الزاخرة بالأحداث سياسياً واجتماعياً، ونفسياً، كنا فيها كتلة ملتهبة تتشظّى بالنشاط والحماس والتحدى، شباب يافع ناضج يحلم بالمستقبل والنار تحيط به من كل جانب، يدخل الحرم الجامعى وهو محاط بسياج بشرى من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح، يرفض الانصياع لأوامره العسكرية التى تمنح وتمنع كيفما تشاء للدخول إلى قاعات الدراسة، قاومنا وكان للمقاومة متعة لها جلالها وهيبتها، لم يكن التعليم يسيراً فى ظل الأجواء المشحونة بالتوتر بسبب تعسف قوات الاحتلال وقراراته العسكرية المعقدة، كنا نقتنص السعادة من بين مخالب القمع، نقارع الاحتلال فى كل المناسبات الوطنية بالمظاهرات والاحتجاجات والإضرابات دون خوف من تهديداته ولا لمداهماته وإغلاقه المتكرر لحرم الجامعة، فقد كانت الإدارة تتحمل الضغوط والأنواء دفاعاً عن طلابها تساندهم وترفض الانصياع لأوامر الاحتلال، رغم العواقب الوخيمة التى تنتظرها. تعودنا أن نمارس فعل الحياة وسط قنابل الغاز والرصاص الحى والحصار الدائم والاعتقالات المستمرة للطلبة والناشطين السياسيين، كنا نحول حالة الارتباك والقلق إلى حلقات ثقافية ودبكات شعبية وأغانٍ وطنية وحكايات فولكلورية تتناسب مع ما نعايشه وتؤرخ الأحداث، كانت هيئة التدريس تضم كفاءات علمية رفيعة وقامات سياسية مخضرمة، رغم شح الموارد وضعف الإمكانات، تعلمنا كيف نقاوم وكيف نحب الوطن وكيف نختلف وكيف نحترم ثقافة الاختلاف. تعلمنا كيف نستثمر الوقت الذى يهدره الاحتلال بالندوات السياسية والمهرجانات الوطنية والتثقيف والحلقات النقاشية، اختلفنا واتفقنا وتنازعنا على مواقف سياسية عاصفة، لكن سرعان ما كنا نتجاوز خلافاتنا، عايشنا خروج قدامى الأسرى فى اتفاق تبادل الأسرى الأول مع إسرائيل، فكان عرساً وطنياً مهيباً لن يسقط من الذاكرة، وعاصرنا أحداثاً سياسية قاسية، لكنها لم تفقدنا اليقين بما نؤمن به ونكافح من أجله، وإذا كان الاختلاف والتجاذب السياسى، يباعد بين الكتل الطلابية من وقت لآخر، فقد كان يجمعهم أيضاً هم واحد وهدف وحيد «كيف نقاوم الاحتلال ونتصدى لفاشيته ومخططاته العنصرية»؟ حينها تتلاشى العصبية الحزبية ويخبو الخلاف السياسى وتتراجع الأيديولوجيات، فالوطن أغلى من الصراعات وأكبر من التناحر، وعرفنا كيف نحب الوطن وكيف ننتمى إليه؟!.

تلك الذكريات الثرية بزخمها السياسى والاجتماعى والإنسانى هى حصيلة تجربة شخصية فى جامعة وطنية بحق، تحدت ظروفها وأصرت أن تنتصر لمبادئها ولطلابها، لتكمل مسيرة علمية صعبة بدأتها، ولم تنكسر أو ترضخ، فاستحقت هذا التصنيف المتميز مثلما استحقت فخر أبنائها واعتزازهم بها وانتماءهم لها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جامعة النجاح» البيت والوطن «جامعة النجاح» البيت والوطن



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon