بقلم-جيهان فوزى
تبدو المقاربة بعيدة بين قرار بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى بحل الحكومة والدعوة إلى انتخابات مبكرة، وبين قرار الرئيس الفلسطينى محمود عباس بحل المجلس التشريعى، بحجة الالتزام بقرار المحكمة الدستورية والدعوة للانتخابات خلال ستة أشهر، الاتجاه السائد والعام فى فلسطين سلبى لعدة أسباب متعلقة بالسلطة الفلسطينية وحركة حماس وحالة الانقسام وفشل المصالحة وما يتبعها من تداعيات معقدة ومتشابكة، بينما دعوة نتنياهو لانتخابات مبكرة تأتى فى إطار السعى لتحييد التحقيقات ضده والخلافات التى تعصف بحكومته، وخوض معركة انتخابية فى أفضل الظروف بالنسبة له، خاصة تلك التى تتعلق بإضعاف معسكر خصومه من اليمين أو اليسار وتأجيل طرح «صفقة القرن» وتجنب انتخابات على خلفية أزمة اقتصادية ومواصلة تعميق نفوذ اليمين المتطرف فى الإعلام والسلطة ومؤسساتها، فالانتخابات بالنسبة لنتنياهو هى استفتاء على قيادته وشعبيته، إذ تشير الاستطلاعات إلى أن نتنياهو منذ أن عاد للسلطة قبل نحو 10 سنوات يتمتع بشعبية خاصة دون أن يكون له بديل!!.
أما الرئيس عباس فهو يريد من حل المجلس التشريعى التفرد بالقرار الفلسطينى وإقصاء جميع الفصائل وتجاوز الشرعيات ولا يؤسس لشراكة سياسية بل يعمق الانفصال، صحيح أن المجلس التشريعى معطل منذ 12 عاماً، وأن الانقسام هو السبب الرئيسى المباشر للتدهور الحاصل على الساحة الفلسطينية، وأن أعضاء المجلس التشريعى لم يأخذوا فرصتهم فى الحياة السياسية، خاصة قضية الانقسام باعتبارهم ممثلين عن الشعب وصوته المسموع، كما أن المجلس التشريعى فى قطاع غزة انفصالى، وأعضاؤه يمثلون حركة حماس ويمارسون دورهم التشريعى وفق رؤية حماس الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو أمر غير شرعى ولا قانونى، لكن من الناحية السياسية الداخلية فإنها خطوة تصعيدية كفيلة بتوتير الوضع المتوتر أصلاً، وفى حقيقتها تنفيذ لتهديد قديم، فقد لوح عباس أكثر من مرة بحل المجلس التشريعى، وأعطى الضوء الأخضر لمساعديه بالتلويح لهذا الإجراء، وربما امتنع فى السابق عن تنفيذ تهديده ضد المجلس تحت ضغوط مصرية لإعطاء المصالحة فرصتها دون توتر.
وحتى لو لم يغير قرار حل التشريعى من الواقع شيئاً، وواصلت حماس وكتلتها البرلمانية العمل لوحدها فى غزة، كما ستواصل فتح وكتلتها البرلمانية العمل واتخاذ القرارات فى رام الله فإن جميع الشرعيات فى فلسطين باطلة ولا فائدة لأى شرعية تعمل بشكل مشلول ومنقسم، رغم أن المجلس التشريعى هو سيد قراره وجاء على خلفية اتفاق أوسلو الموقع عام 1993 وحله يعنى حل جزء من السلطة، فهل يعنى ذلك الخروج من مأزق أوسلو وما ترتب عليه من تدهور سياسى؟ أم أنه تعنت لزيادة حدة التوتر واستمرار الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية وتدمير ما تبقى من مؤسسات النظام الأساسى؟ لأنه جاء بالمخالفة للقانون الأساسى الفلسطينى الذى ينص على عدم جواز حل التشريعى حتى فى حالة الطوارئ.
فى إسرائيل يحاول نتنياهو تثبيت أقدامه بحل الحكومة والدعوة إلى انتخابات مبكرة ينتخب فيها من جديد ليقول للعالم إن إسرائيل الديمقراطية لا تتجاهل أصوات الناخبين ورغباتهم، وهى دعاية خبيثة تخدم مصالح نتنياهو واليمين المتطرف الذى يريد الاستفراد بالسلطة! بينما قرار عباس بحل المجلس التشريعى يعنى قطع آخر صلة بين قطاع غزة والضفة الغربية ويأخذ بحماس إلى مستوى آخر من الاشتباك، سيبدو فيه أنه لا يحترم نتائج الانتخابات، لأنه يهدم آخر حجر فى البناء الديمقراطى الفلسطينى، وسيظهر كمن يعمل انطلاقاً من موقع القوة وليس القانون لإحباط العملية الديمقراطية، رغم أن ولايته انتهت فعلياً منذ زمن بعيد ولم يحصل على تفويض شعبى جديد، القرار من شأنه أن يزيد من تعميق الانقسام ويقلل تعاطف العالم مع القضية الفلسطينية، خاصة أن الجميع يتساءل كيف ستحررون وطنكم وأنتم منقسمون؟!.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع