توقيت القاهرة المحلي 07:37:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«كفر ناحوم» الجحيم المسكوت عنه

  مصر اليوم -

«كفر ناحوم» الجحيم المسكوت عنه

بقلم-جيهان فوزى

«كفر ناحوم» هو فيلم للمخرجة اللبنانية «نادين لبكى» الذى فاز بجائزة لجنة التحكيم فى مهرجان «كان» السنيمائى الدولى فى دورته 71، تم تصويره فى لبنان، «كفر ناحوم» هو مصطلح تاريخى يعنى الخراب أو الجحيم، ولعل لاسم الفيلم معنى ومغزى، أرادت به المخرجة أن ترسل رسالة إلى الدولة وأجهزتها عن معاناة المهمشين ومشاكلهم، فهو يتناول أهم القضايا المجتمعية مثار السجال والجدل، كالفقر واللجوء والعمالة الأجنبية والبطالة والسجون وزواج القاصرات والاتجار بالبشر، الفيلم يدور حول طفولة معذبة وبؤس وعنف أسرى، يطرح الأسئلة لكنه لا يضع الإجابات ولا يتطرق للحلول، يتحدث عن قعر المدينة بعيداً عن صخبها وبريقها، يحاول الغوص فى أعماق المجتمع السفلى وحياة المهمشين من لبنانيين وغير لبنانيين، فالصورة التى ينقلها الفيلم موجعة وربما لا يحب الكثيرون أن يشاهدوا مظاهر البؤس هذه، لكن تلك المظاهر ليست حكراً على بيروت وحدها، فالبؤس موجود فى كل مكان وهو مسئولية مجتمع ومواطن ودولة.

يروى الفيلم قصة طفل يعيش فى الأحياء الفقيرة المهمشة فى العاصمة اللبنانية، فى ظروف معيشية قاسية، ونظراً لهذه الظروف والمعاناة يقرر الطفل بطل الفيلم مقاضاة والديه لأنهما سبب مجيئه إلى هذا العالم المضطرب، قصة الفيلم تتمحور حول طفل لا يتجاوز الثانية عشرة من العمر، لكنه يقوم بدور المعجزة يحملها على كاهله الضعيف الصغير ليسير فى دروب البؤس والشقاء، فهو ينحدر من عائلة فقيرة وبيئة ومحيط بائسَين، هو ضحية لأوضاع اقتصادية صعبة تكاد تكون معدومة، وأهل بلا مسئولية، ووعى اجتماعى غائب وسلطة ناقصة، ليس لدى الطفل «زين» -بطل الفيلم- من يلجأ إليه أو يستشيره أو من يمد له يد العون، فلا مرجعية أخلاقية يستند إليها، ولا رؤية أو هدف واضح يحدد مساره فى الحياة، الضياع هو غايته الوحيدة لأنه لم يجد غيره فى الحياة، «زين» كان مدخلنا إلى عالم لا نعرفه؛ العشوائيات وأطفال الشوارع، وفوضى العيش والتلوث السمعى، كل تلك الأشياء كنا نظنها بعيدة جداً، لكنها فى واقع الأمر على مرمى البصر.

«زين» الطفل الذى يعيش مع أسرة فقيرة بلا شهادة ميلاد فى لبنان، يسخط على والديه اللذين جلباه إلى هذا العالم المتوحش دون أن يقدما له الأمان الاجتماعى والنفسى والموارد التى تعينهما على رعايته، ورغم أن الفيلم لم يعكس بشكل واضح مسئولية الدولة عما حصل ويحصل فى لبنان، لكنه أوحى بهذه المسئولية ضمنياً. «كفر ناحوم» هو فيلم مأساوى بامتياز وهو الأشد إيلاماً وعبثية وشجناً وغضباً، رغم أنه يحاول فى النهاية البحث عن مخرج سواء كان فى لبنان أو أى بقعة من العالم.

تقول مخرجة الفيلم «نادين لبكى»: «إن الهدف من الفيلم هو أن يتحول ما يحصل من معاناة يومية للمهمشين إلى نقاش مفتوح، وأن ينظم ورش عمل لعرض وجهات النظر والبحث عن حلول حقيقية». هكذا ترى «لبكى» لبنان فى ثالث أفلامها الروائية الطويلة، هذا البلد العصىّ على الانكسار والتغيير أيضاً! فقد رسمت بريشتها الفنية رؤيتها الشخصية لأمور كثيرة حدثت فى بلدها لبنان وتطورت منذ ثورات الربيع العربى عام 2011، حيث إن هذا الربيع لم يمر من هنا (لبنان) كما فى عواصم عربية أخرى -كما تقول «لبكى»- فهى تسلط الضوء على أزمة النفايات والانتخابات الفاشلة، والأولويات التى تغيرت، ولعل أهم ما حدث لنادين أنها انتقلت من مرحلة تقديم الحلول إلى طرح الأسئلة، وبهذا المعنى قدمت فيلم «الجحيم» إن صح التعبير.

«كفر ناحوم» ليس للبنانيين فقط، فالمشاكل التى عرضها الفيلم غير موجهة للبنان أو العالم العربى فقط، هى مشاكل عالمية، بحسب «لبكى»، حيث تتزايد أزمة اللجوء واللاجئين والفقر، ولم تعد محصورة ببلد واحد، كل بلد فى العالم يعيش هذه الأزمة، وأزمة المهمشين وأطفال الشوارع هى موضوع يؤثر على بلدان عديدة، لكن تأثيره المتنامى يظهر جلياً فى منطقتنا العربية نظراً لافتقار الآليات الواضحة للتعامل مع هذه الأزمات المستفحلة.

نقلا عن الوطن 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كفر ناحوم» الجحيم المسكوت عنه «كفر ناحوم» الجحيم المسكوت عنه



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon