توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«كفر ناحوم» الجحيم المسكوت عنه

  مصر اليوم -

«كفر ناحوم» الجحيم المسكوت عنه

بقلم-جيهان فوزى

«كفر ناحوم» هو فيلم للمخرجة اللبنانية «نادين لبكى» الذى فاز بجائزة لجنة التحكيم فى مهرجان «كان» السنيمائى الدولى فى دورته 71، تم تصويره فى لبنان، «كفر ناحوم» هو مصطلح تاريخى يعنى الخراب أو الجحيم، ولعل لاسم الفيلم معنى ومغزى، أرادت به المخرجة أن ترسل رسالة إلى الدولة وأجهزتها عن معاناة المهمشين ومشاكلهم، فهو يتناول أهم القضايا المجتمعية مثار السجال والجدل، كالفقر واللجوء والعمالة الأجنبية والبطالة والسجون وزواج القاصرات والاتجار بالبشر، الفيلم يدور حول طفولة معذبة وبؤس وعنف أسرى، يطرح الأسئلة لكنه لا يضع الإجابات ولا يتطرق للحلول، يتحدث عن قعر المدينة بعيداً عن صخبها وبريقها، يحاول الغوص فى أعماق المجتمع السفلى وحياة المهمشين من لبنانيين وغير لبنانيين، فالصورة التى ينقلها الفيلم موجعة وربما لا يحب الكثيرون أن يشاهدوا مظاهر البؤس هذه، لكن تلك المظاهر ليست حكراً على بيروت وحدها، فالبؤس موجود فى كل مكان وهو مسئولية مجتمع ومواطن ودولة.

يروى الفيلم قصة طفل يعيش فى الأحياء الفقيرة المهمشة فى العاصمة اللبنانية، فى ظروف معيشية قاسية، ونظراً لهذه الظروف والمعاناة يقرر الطفل بطل الفيلم مقاضاة والديه لأنهما سبب مجيئه إلى هذا العالم المضطرب، قصة الفيلم تتمحور حول طفل لا يتجاوز الثانية عشرة من العمر، لكنه يقوم بدور المعجزة يحملها على كاهله الضعيف الصغير ليسير فى دروب البؤس والشقاء، فهو ينحدر من عائلة فقيرة وبيئة ومحيط بائسَين، هو ضحية لأوضاع اقتصادية صعبة تكاد تكون معدومة، وأهل بلا مسئولية، ووعى اجتماعى غائب وسلطة ناقصة، ليس لدى الطفل «زين» -بطل الفيلم- من يلجأ إليه أو يستشيره أو من يمد له يد العون، فلا مرجعية أخلاقية يستند إليها، ولا رؤية أو هدف واضح يحدد مساره فى الحياة، الضياع هو غايته الوحيدة لأنه لم يجد غيره فى الحياة، «زين» كان مدخلنا إلى عالم لا نعرفه؛ العشوائيات وأطفال الشوارع، وفوضى العيش والتلوث السمعى، كل تلك الأشياء كنا نظنها بعيدة جداً، لكنها فى واقع الأمر على مرمى البصر.

«زين» الطفل الذى يعيش مع أسرة فقيرة بلا شهادة ميلاد فى لبنان، يسخط على والديه اللذين جلباه إلى هذا العالم المتوحش دون أن يقدما له الأمان الاجتماعى والنفسى والموارد التى تعينهما على رعايته، ورغم أن الفيلم لم يعكس بشكل واضح مسئولية الدولة عما حصل ويحصل فى لبنان، لكنه أوحى بهذه المسئولية ضمنياً. «كفر ناحوم» هو فيلم مأساوى بامتياز وهو الأشد إيلاماً وعبثية وشجناً وغضباً، رغم أنه يحاول فى النهاية البحث عن مخرج سواء كان فى لبنان أو أى بقعة من العالم.

تقول مخرجة الفيلم «نادين لبكى»: «إن الهدف من الفيلم هو أن يتحول ما يحصل من معاناة يومية للمهمشين إلى نقاش مفتوح، وأن ينظم ورش عمل لعرض وجهات النظر والبحث عن حلول حقيقية». هكذا ترى «لبكى» لبنان فى ثالث أفلامها الروائية الطويلة، هذا البلد العصىّ على الانكسار والتغيير أيضاً! فقد رسمت بريشتها الفنية رؤيتها الشخصية لأمور كثيرة حدثت فى بلدها لبنان وتطورت منذ ثورات الربيع العربى عام 2011، حيث إن هذا الربيع لم يمر من هنا (لبنان) كما فى عواصم عربية أخرى -كما تقول «لبكى»- فهى تسلط الضوء على أزمة النفايات والانتخابات الفاشلة، والأولويات التى تغيرت، ولعل أهم ما حدث لنادين أنها انتقلت من مرحلة تقديم الحلول إلى طرح الأسئلة، وبهذا المعنى قدمت فيلم «الجحيم» إن صح التعبير.

«كفر ناحوم» ليس للبنانيين فقط، فالمشاكل التى عرضها الفيلم غير موجهة للبنان أو العالم العربى فقط، هى مشاكل عالمية، بحسب «لبكى»، حيث تتزايد أزمة اللجوء واللاجئين والفقر، ولم تعد محصورة ببلد واحد، كل بلد فى العالم يعيش هذه الأزمة، وأزمة المهمشين وأطفال الشوارع هى موضوع يؤثر على بلدان عديدة، لكن تأثيره المتنامى يظهر جلياً فى منطقتنا العربية نظراً لافتقار الآليات الواضحة للتعامل مع هذه الأزمات المستفحلة.

نقلا عن الوطن 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كفر ناحوم» الجحيم المسكوت عنه «كفر ناحوم» الجحيم المسكوت عنه



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon