بقلم: جيهان فوزى
«مات الشبح»، قتل «أبوبكر البغدادى» أو إبراهيم عواد البدرى السامرائى، الذى أشيع خبر مقتله عشرات المرات ويتم تكذيبه بعد ذلك. لكن موت زعيم تنظيم الدولة الإسلامية لم يطوِ صفحة داعش، بل ربما تبدأ مرحلة جديدة من عمر هذا التنظيم قد تفاجئنا، وربما يكون «البغدادى» قد رشح زعيماً للتنظيم يتولى الخلافة من بعده.
إن خلايا التنظيم النائمة منتشرة فى أنحاء العالم، والذئاب المنفردة التى تدين بالولاء للتنظيم أخطر على العالم وأمانه من التنظيم نفسه، وعليه أن يدرك أنه بدأ مرحلة جديدة من الصراع مع هذا التنظيم الدموى الشرس.
إن التوقيت الذى أعلن فيه الرئيس الأمريكى عن مقتل «البغدادى» فى عملية كللت بالنجاح للقوات الخاصة الأمريكية وبمساعدة روسيا وتركيا والأكراد، لها دلالتها وأهميتها، فهى تصب فى مصلحة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المقبل على انتخابات التجديد لفترة رئاسية ثانية، لكن اللافت والمحير هو إعلان وزارة الدفاع الروسية عن عدم معرفتها بالعملية والتشكيك فى صحة مقتل «البغدادى»، رغم شكر الرئيس الأمريكى للمساعدة الروسية فى إنجاز العملية ونجاحها! ناهيك عن توجيه جيش سوريا الديمقراطى أصابع الاتهام إلى تركيا بأنها وفرت الغطاء والحماية للبغدادى وتأكيده على علمها بوجوده، خاصة أنه قتل فى المنطقة التى تخضع لنفوذها وسيطرتها.
لقد أعلن الرئيس «ترامب» أن بموت البغدادى «أمير الموت» قد انقضت مرحلة عصيبة وانتهى خطر أشرس تنظيم كان يهدد العالم بالإرهاب، غير أن هذا التفاؤل لا ينم عن الحقيقة، وربما تشهد الأيام القادمة عمليات انتقامية يقودها عناصر التنظيم المتفرقة فى دول العالم، قد يفقد التنظيم بعضاً من قوته لكنه لن يفقدها بالكامل، وهو ما يتفق عليه الخبراء والمتخصصون فى الجماعات الجهادية وبالذات «تنظيم داعش» الذى سيركز على استراتيجية حرب العصابات فى كل مكان يتمكن فيه من القيام بعمليات إرهابية من خلال ذئابه المنفردة والتى تعد أشد خطراً على الأمن الدولى والمجتمعى، لأنها غير معلومة لأجهزة الاستخبارات. كما أن مقتل «البغدادى» لا يعنى مقتل الفكرة أو زوالها بزواله.
ربما لم يحظ «البغدادى» بالتأثير الذى حظى به زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذى طاردته الولايات المتحدة، إلى أن تمكنت قوات خاصة من تصفيته عام 2011 فى باكستان. ويعزز ذلك ما قاله ضباط غربيون كبار ومسئولون عراقيون: «اسألوا أياً كان فى الشارع فى أوروبا أو فى الولايات المتحدة من هو البغدادى؟ لن تحصلوا على أى رد فعل! فى حين أنه مع بن لادن كان الرعب مخيماً»!.
حتى إن التحالف ضد تنظيم الدولة كان يؤكد أن هدفه الأول هو سقوط «الخلافة» وليس القبض على «البغدادى» أو قتله، فمنذ ظهوره فى الموصل، لم يتوجه «البغدادى» إلى أنصاره إلا من خلال تسجيلات صوتية كانت تنشرها وسائل دعاية التنظيم المتطرف، ولا تشبه أشرطة الفيديو التى كان بن لادن يبثها بانتظام ويصور نفسه فيها فى ساحة معركة أو داخل مسجد.
لذا فإن الخوف من انتشار أفكاره على نطاق واسع من دول العالم هو التحدى المقبل، خاصة إذا كان من غير المتوقع كيف سيتم بلورتها ومدى قوتها وتأثيرها على أرض الواقع.