توقيت القاهرة المحلي 07:37:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأسرى» بين الخطاب الحماسى والواقع المؤلم

  مصر اليوم -

«الأسرى» بين الخطاب الحماسى والواقع المؤلم

بقلم : جيهان فوزى

 أصبح الاحتفال بيوم الأسير الفلسطينى عادة أكثر منه قيمة بعد أن أصبح الأسر مشروع حياة، فلم يعد لهذا الاحتفال معنى بعد أن فقد المواطن الفلسطينى حقه فى التعبير أو الاختيار ليس فى سجون الاحتلال الإسرائيلى فحسب، ولكن فى وطنه الذى بدأ يتلاشى وهو عاجز عن الفعل بعد أن وقع أسيراً للانقسام والانفصال الجغرافى والسياسى بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم يعد بمقدوره حتى الانتقال بين دهاليز الجغرافيا بحرية، ومهدداً فى رزقه وقوت أولاده يخضع لمزاج الحاكم، سواء حماس غزة أو سلطة رام الله، وكلاهما لم يعد قادراً على إقناعه بأنه الأفضل وأنه المستقبل الواعد. وتبقى الحركة الأسيرة عالقة فى منتصف الصراع تدفع الثمن بسنوات العمر العالقة بين الجدران والسياج، فقد تعدى عدد الأسرى فى سجون الاحتلال أكثر من 7 آلاف، بينهم أكثر من 400 طفل، تلتهم جدران السجون قوتهم رغم أنها لم تستطع كسر إرادتهم، لقد طوّق الاحتلال بسياج القمع حياة الفلسطينيين منذ نشأة دولته العنصرية الغاصبة، وحوّل حياتهم إلى سجن كبير يتنقل معتقلوه بين حناياه دون شكوى أو كلل، لأنهم يؤمنون بأنهم على حق وطريق النضال طويل وشاق، والثمن مدفوع مسبقاً شهيداً تلو شهيد، بأجساد تتساقط دون تردد فداءً لكرامة أهدرها الاحتلال وتضحية بالنفس لاستعادتها، وإن كانوا أمواتاً، فهم عند ربهم أحياء يرزقون، مقاومتهم للمحتل مشروعة، وصدهم لقمعه أبسط قواعد الكفاح والتحدى والصمود، الأسرى أيقونة حياة الفلسطينيين، ومعلم أساسى من معالم القضية الفلسطينية وعنوان بارز فى مسيرة كفاح الشعب الفلسطينى، للأسير منزلة كبيرة فى وجدان شعبه لما يمثله من قيمة معنوية ونضالية ونموذج يحتذى فى الصمود والبطولة ومقاومة المحتل.

بينما إسرائيل دولة الاحتلال تعتبرهم مجرد عناصر إرهابية لا تولى لهم انتباهاً ولا تسعى لإعادة تأهيلهم، بل تعتبر سجنها لهم انتقاماً يستحقونه، ولا ترى فيهم سوى مخربين لا يستحقون الحياة، لذا لم يكن مستغرباً أن نرى دولة الاحتلال تشدد إجراءاتها القمعية بحقهم وتحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية وتمارس كل ما يلزم لإهانتهم وإذلالهم وكسر إرادتهم، فظلت السجون الإسرائيلية دوماً وسائل عقابية قاهرة لأجساد الأسرى الفلسطينيين ونفوسهم، بل تمادت وطالبت هى وأمريكا السلطة الفلسطينية بوقف مخصصات الأسرى تمهيداً لفرض صفقة القرن التى يعد لها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، خاصة أن إسرائيل تحاول أن تروج للعالم أن قرارات السلطة وخطابها خطاب كراهية معادٍ للسلام وتضرب بذلك على الوتر الحساس، وهو قضية الأسرى، غير أن استجابة رام الله لمطالب وضغوطات واشنطن وتل أبيب فى هذا الجانب تعنى فقدان السلطة الفلسطينية لشرعيتها، لأن قضية الأسرى من الثوابت التى تُبرر وجود السلطة وتُضفى عليها «الشرعية الوطنية». إن المطالب والضغوط الخاصة بوقف مخصصات الأسرى والشهداء على السلطة ليست جديدة ومستمرة منذ عدة سنوات دون توقف، لأن إسرائيل تستخدم شبكة علاقاتها فى شنّ حملة تشويه لقضية الأسرى الفلسطينيين، ووصم النضال الفلسطينى بالقتل والإرهاب، لذا جاء الاحتفال بيوم الأسير الفلسطينى فى العام الماضى تحت شعار «إضراب الحرية والكرامة»، واكتسب هذا الإضراب أهمية خاصة للأسرى، لأن ذكرى يوم الأسير حدث تاريخى مهم فى واقع القضية الفلسطينية، ويوم للتضامن مع الأسرى والمعتقلين وحشد التأييد لقضيتهم وتذكير العالم بمعاناتهم فى سجون الاحتلال، فقد أدرك الأسرى خطورة الأهداف الإسرائيلية بعد أن ذاقوا مرارة الأوضاع وقسوة الإجراءات على أجسادهم، التى لم يعد بالإمكان التعايش معها وتحمل قسوة الواقع أو الصمت والصبر على ما يمارس ضدهم فى ظل تجاهل المجتمع الدولى وعجز مؤسساته الحقوقية والإنسانية عن إلزام دولة الاحتلال باحترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية فى تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين، ويظل على عاتق السلطة الفلسطينية المسئولية الأكبر للحفاظ على حقوقهم وكرامتهم.

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأسرى» بين الخطاب الحماسى والواقع المؤلم «الأسرى» بين الخطاب الحماسى والواقع المؤلم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon