توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأسرى» بين الخطاب الحماسى والواقع المؤلم

  مصر اليوم -

«الأسرى» بين الخطاب الحماسى والواقع المؤلم

بقلم : جيهان فوزى

 أصبح الاحتفال بيوم الأسير الفلسطينى عادة أكثر منه قيمة بعد أن أصبح الأسر مشروع حياة، فلم يعد لهذا الاحتفال معنى بعد أن فقد المواطن الفلسطينى حقه فى التعبير أو الاختيار ليس فى سجون الاحتلال الإسرائيلى فحسب، ولكن فى وطنه الذى بدأ يتلاشى وهو عاجز عن الفعل بعد أن وقع أسيراً للانقسام والانفصال الجغرافى والسياسى بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم يعد بمقدوره حتى الانتقال بين دهاليز الجغرافيا بحرية، ومهدداً فى رزقه وقوت أولاده يخضع لمزاج الحاكم، سواء حماس غزة أو سلطة رام الله، وكلاهما لم يعد قادراً على إقناعه بأنه الأفضل وأنه المستقبل الواعد. وتبقى الحركة الأسيرة عالقة فى منتصف الصراع تدفع الثمن بسنوات العمر العالقة بين الجدران والسياج، فقد تعدى عدد الأسرى فى سجون الاحتلال أكثر من 7 آلاف، بينهم أكثر من 400 طفل، تلتهم جدران السجون قوتهم رغم أنها لم تستطع كسر إرادتهم، لقد طوّق الاحتلال بسياج القمع حياة الفلسطينيين منذ نشأة دولته العنصرية الغاصبة، وحوّل حياتهم إلى سجن كبير يتنقل معتقلوه بين حناياه دون شكوى أو كلل، لأنهم يؤمنون بأنهم على حق وطريق النضال طويل وشاق، والثمن مدفوع مسبقاً شهيداً تلو شهيد، بأجساد تتساقط دون تردد فداءً لكرامة أهدرها الاحتلال وتضحية بالنفس لاستعادتها، وإن كانوا أمواتاً، فهم عند ربهم أحياء يرزقون، مقاومتهم للمحتل مشروعة، وصدهم لقمعه أبسط قواعد الكفاح والتحدى والصمود، الأسرى أيقونة حياة الفلسطينيين، ومعلم أساسى من معالم القضية الفلسطينية وعنوان بارز فى مسيرة كفاح الشعب الفلسطينى، للأسير منزلة كبيرة فى وجدان شعبه لما يمثله من قيمة معنوية ونضالية ونموذج يحتذى فى الصمود والبطولة ومقاومة المحتل.

بينما إسرائيل دولة الاحتلال تعتبرهم مجرد عناصر إرهابية لا تولى لهم انتباهاً ولا تسعى لإعادة تأهيلهم، بل تعتبر سجنها لهم انتقاماً يستحقونه، ولا ترى فيهم سوى مخربين لا يستحقون الحياة، لذا لم يكن مستغرباً أن نرى دولة الاحتلال تشدد إجراءاتها القمعية بحقهم وتحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية وتمارس كل ما يلزم لإهانتهم وإذلالهم وكسر إرادتهم، فظلت السجون الإسرائيلية دوماً وسائل عقابية قاهرة لأجساد الأسرى الفلسطينيين ونفوسهم، بل تمادت وطالبت هى وأمريكا السلطة الفلسطينية بوقف مخصصات الأسرى تمهيداً لفرض صفقة القرن التى يعد لها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، خاصة أن إسرائيل تحاول أن تروج للعالم أن قرارات السلطة وخطابها خطاب كراهية معادٍ للسلام وتضرب بذلك على الوتر الحساس، وهو قضية الأسرى، غير أن استجابة رام الله لمطالب وضغوطات واشنطن وتل أبيب فى هذا الجانب تعنى فقدان السلطة الفلسطينية لشرعيتها، لأن قضية الأسرى من الثوابت التى تُبرر وجود السلطة وتُضفى عليها «الشرعية الوطنية». إن المطالب والضغوط الخاصة بوقف مخصصات الأسرى والشهداء على السلطة ليست جديدة ومستمرة منذ عدة سنوات دون توقف، لأن إسرائيل تستخدم شبكة علاقاتها فى شنّ حملة تشويه لقضية الأسرى الفلسطينيين، ووصم النضال الفلسطينى بالقتل والإرهاب، لذا جاء الاحتفال بيوم الأسير الفلسطينى فى العام الماضى تحت شعار «إضراب الحرية والكرامة»، واكتسب هذا الإضراب أهمية خاصة للأسرى، لأن ذكرى يوم الأسير حدث تاريخى مهم فى واقع القضية الفلسطينية، ويوم للتضامن مع الأسرى والمعتقلين وحشد التأييد لقضيتهم وتذكير العالم بمعاناتهم فى سجون الاحتلال، فقد أدرك الأسرى خطورة الأهداف الإسرائيلية بعد أن ذاقوا مرارة الأوضاع وقسوة الإجراءات على أجسادهم، التى لم يعد بالإمكان التعايش معها وتحمل قسوة الواقع أو الصمت والصبر على ما يمارس ضدهم فى ظل تجاهل المجتمع الدولى وعجز مؤسساته الحقوقية والإنسانية عن إلزام دولة الاحتلال باحترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية فى تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين، ويظل على عاتق السلطة الفلسطينية المسئولية الأكبر للحفاظ على حقوقهم وكرامتهم.

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأسرى» بين الخطاب الحماسى والواقع المؤلم «الأسرى» بين الخطاب الحماسى والواقع المؤلم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon