بقلم : جيهان فوزى
هل تنتصر إرادة الحق والعدل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية على إرادة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؟ السؤال فى ظاهره يبدو ساذجاً غبياً لا يستحق الطرح، لكنه يتجاوز حدود العقل والمنطق وربما الأمر الواقع الذى يفرض سطوته على مسار التاريخ والسياسة.
سيذهب الرئيس الفلسطينى بعد أيام لإلقاء خطابه فى الاجتماع السنوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، فماذا سيقول فى خطابه؟ هذه المرة سيذهب الرئيس الفلسطينى محملاً بأعباء داخلية وخارجية لا ناقة له فيها ولا جمل، بمعنى أدق أنه سيكون خالياً من الدعم الشعبى والاتفاق السياسى والفصائلى، فهناك جبل من الخلافات الداخلية التى عكرت صفو الأجواء وتركت الباب موارباً لفورة الصراع، الوضع الداخلى الفلسطينى يلقى بظلاله القاتمة على الأجواء السياسية الخارجية، لن يكون الرئيس الفلسطينى مرتاحاً إذا اضطر للحديث عن الفلسطينيين وشتاتهم وهم يعانون التمزق والانقسام فى ظل حكمه وسيطرته، المصالحة لن تنجز وعوائقها كثيرة وهى شبه مرفوضة من الطرفين «فتح وحماس» ولكل مبرراته وأسبابه، العقوبات التى يفرضها على غزة وزادت من عبء العزلة والفقر والمرض لأسباب أيضاً تتعلق بالبعد الاستراتيجى الذى يراه كلا الطرفين، وفى خضم هذا الصراع الداخلى تنعقد جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليطرح كل عضو فيها أهم قضاياه، فماذا سيقول الرئيس أبومازن وقد أصبح الحلقة الأضعف فى سلسلة الصراع والتصفية للقضية الفلسطينية؟ خاصة بعد توقف المفاوضات مع إسرائيل واستعدائه للإدارة الأمريكية وقطع اتصالاته بمبعوثيها ودبلوماسييها على خلفية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس فى ديسمبر من العام الماضى، ثم توتر العلاقة مع الحليف الاستراتيجى مصر وتصاعد موجة الفتور بسبب دخول حماس على خط التفاوض بشأن الهدنة مع إسرائيل وأمور أخرى لم تعجب القيادة الفلسطينية بالذات فى ملف المصالحة الشائك!.
سيتحدث الرئيس الفلسطينى عن عدالة القضية الفلسطينية وضرورة حق تقرير المصير على قاعدة حل الدولتين التى عملت إسرائيل جاهدة فى السنوات الأخيرة لتعطيله على الأرض بمساعدة الولايات المتحدة، وساهمت فى منع طرح الموضوع فى المفاوضات، فيما انتهت قضية القدس ثم قضية اللاجئين من خلال الضغط لحل الأونروا ثم قضية الحدود، وبالتالى فقد انتهت كل قضايا الحل النهائى، ومن هنا سيركز أبومازن على أن كل هذا مخالف لقرارات المجتمع الدولى بأكمله، وأن أمريكا عزلت نفسها عن لعب دور الوسيط وأن من حق الفلسطينيين أن يذهبوا لمحكمة الجنايات وكل منظمات الأمم المتحدة.
ربما لن يخرج خطابه عن هذا الإطار، لكن المستجدات التى ترافق هذا الانعقاد هى الأخطر فى تاريخ القضية الفلسطينية بعد أن أصابها العطب من انقسام فلسطينى داخلى أما خارجياً فتدهورت العلاقة مع واشنطن بداية من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ثم وقف الدعم للأونروا المقدم للفلسطينيين وتهديد الدول المانحة بعدم تمويل الأونروا ثم إغلاق مكتب منظمة التحرير فى واشنطن كجزء من خطة التصفية للقضية الفلسطينية ليتبعها وقف تمويل المستشفيات الفلسطينية فى القدس، والأخطر على الإطلاق أن تعترف أمريكا بأن المستوطنات هى عبارة عن مجمعات سكنية من حق إسرائيل بناؤها ما ينفى صفة الاحتلال نهائياً على الوجود الإسرائيلى فى فلسطين؟!
وإذا كان الخطاب سيحمل التهديد باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية فلن يردع ذلك إسرائيل أو أمريكا، لأن المحكمة ذاتها لم تستطع تنفيذ أحكامها بحق قتلة الحريرى من حزب الله ولا تنفيذ الحكم على الرئيس السودانى عمر البشير، أما ما يقال حول تفجير الرئيس أبومازن لمفاجآت من العيار الثقيل فى خطابه، كالتلويح بالتنصل من كل الاتفاقات والالتزامات السابقة التى وقعت عليها منظمة التحرير سواء مع إسرائيل أو أمريكا، فالاتفاقات أساساً وأدتها الإجراءات الأمريكية والممارسات الإسرائيلية ولم يعد لها قيمة تذكر، فهل يكون لدى أبومازن خطة تقلب الموازين وتغير الاستراتيجيات؟
نقلًا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع