بقلم-جيهان فوزى
فى لقائه مع «سكاى نيوز عربية» تحدّث جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكى ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، عن تأثيرات الخطة السياسية لحل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على الاقتصاد فى المنطقة، والمعروفة إعلامياً بـ«صفقة القرن»، قائلاً: «لا أعتقد أن الأثر الاقتصادى للخطة سيقتصر على الإسرائيليين والفلسطينيين فقط، بل سيشمل المنطقة برمتها، بما فى ذلك الأردن ومصر ولبنان». وأضاف: «الخطة السياسية مفصّلة جداً وتركز على ترسيم الحدود وحل قضايا الوضع النهائى، لكن الهدف من حل قضية الحدود هو القضاء على هذه الحدود. وإذا تمكنا من إزالة الحدود وإحلال السلام بعيداً عن الترهيب، يمكن أن يضمن ذلك التدفق الحر للناس والسلع، ويؤدى ذلك إلى إيجاد فرص جديدة». وربط «كوشنر»، فى خطة السلام، بين المسارين السياسى والاقتصادى، معتبراً أن الحد من التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين من شأنه «تحسين فرص الاقتصاد الفلسطينى الذى كان مقيداً فى ظل غياب السلام».
وقال «كوشنر» إنه لا يمكن حل قضية يتنازع فيها شعبان منذ 70 عاماً ونتوقع أن يصبحوا أصدقاء بين ليلة وضحاها عندما يتم حل قضايا الوضع النهائى، وعقدنا الكثير من المشاورات مع الإسرائيليين والفلسطينيين والعديد من القادة العرب والجهات التى كانت معنية بهذه القضية فى الماضى. وأضاف: نود مشاركة بعض الدول تفاصيل بشأن ما نتطلع لتحقيقه فى خطة السلام، لا سيما فيما يتعلق بالرؤية الاقتصادية والفرص التى ستتوفر عندما يحل السلام، وأن الجانب السياسى فى الخطة مفصّل جداً ويركز على ترسيم الحدود وحل قضايا الوضع النهائى، وأن الفريق حاول صياغة حلول تكون واقعية وعادلة لهذه القضايا فى عام 2019 من شأنها أن تسمح للناس بعيش حياة أفضل.
وقال إن «الوضع فى قطاع غزة سيئ للغاية، وإن الشعب الفلسطينى يريد حكومة غير فاسدة تدافع عن مصالحه، وإن إدارة ترامب تود أن ترى قطاع غزة والضفة الغربية موحدين تحت قيادة واحدة، وإن فريق ترامب درس الاقتصاد الفلسطينى ووجد قدرات كبيرة للاستثمار، لكن من أجل تحقيق ذلك لا بد من الحد من التوتر».
من يستمع لحديث «كوشنر» لا بد أن يشعر بالغرابة لأنه ظن للحظة بالتآمر الأمريكى على المنطقة العربية! حديث كوشنر ملىء بالأمل والتفاؤل والخير للمنطقة، فيا للأسف نحن نظلم الأمريكان. الرئيس ترامب حمل وديع ليس فى نيته تفتيت المنطقة ونهب ثرواتها وضرب شعوبها!! هذا الخداع والتضليل الذى ينضح من حديث كوشنر يثير الاشمئزاز! فالثقة التى يتحدث بها تجعلنا (يا حرام) يعترينا الخجل لأننا نظلم ماما أمريكا حمامة السلام فى المنطقة! أراد كوشنر بحديثه المنمق أن يداعب أحلام الشعوب من خلال الاقتصاد وسطوة المال فى التنمية والاستقرار، وتجاهل تماماً حقيقة أطماع إسرائيل فى السيطرة والتمكن وتعزيز سياسة فصل الفلسطينيين بمن فيهم عرب 48 وسحب الهوية منهم، فالأمر الجامع لهذه الأفكار هو الترويج لضم وتهويد القدس من خلال سحب الهويات المقدسية من نحو 130 ألف مقدسى، بهدف تعديل التركيبة السكانية لصالح اليهود، فضلاً عن محاولة الترويج باستبدال مدينة القدس كعاصمة لفلسطين بأحياء أو بلدات فى محيطها مثل بلدة أبوديس، وإذا كانت ما تسمى صفقة القرن تخطط فعلاً لتبنِّى هذه الأفكار، فلا بد من القول إن ذلك يمثل إثباتاً جديداً أن خطة السلام الأمريكية ليست سوى نسخة من المطالب والمخططات الإسرائيلية، بل إنها نسخة تفتقر للإبداع والتجديد على سبيل حفظ ماء الوجه.
يحاول كوشنر وإدارته تكرار نمط أوسلو الذى سبّب للشعب الفلسطينى خسائر لا تُحصى بسبب طابعه المرحلى والانتقالى مع تأجيل القضايا الجوهرية، كالقدس واللاجئين والحدود والاستيطان، فالتجزئة والتأجيل ليسا سوى وصفة لدفن القضايا أو شطبها، وأى مفاوضات ستجرى فى ظل الاحتلال مع اختلال ميزان القوى لن تكون سوى غطاء لعملية فرض الحقائق من جانب واحد هو إسرائيل.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع