توقيت القاهرة المحلي 08:34:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كابوس جديد

  مصر اليوم -

كابوس جديد

بقلم : جيهان فوزى

 طائرات ورقية آخر الابتكارات والإبداع للشباب الفلسطينى أصبحت تقض مضاجع المستوطنين القاطنين على ربوع الحدود مع قطاع غزة، طائرات خفيفة يعرفها الأطفال ويلعبون بها للهو والتسلية فى أرجاء الدنيا، لكنها فى لحظة تحولت إلى كابوس مفزع للمستوطنين، بعد أن التهمت آلاف الدونمات من الأراضى الزراعية المتاخمة لحدود غزة، وبعد أن استفاقوا على النيران التى التهمت حقولهم ومحاصيلهم وكبدتهم خسائر هائلة، اعتقدوا فى البداية أنها «مزحة» وسرعان ما انقلبت المزحة إلى خطر محدق وتهديد حقيقى جعل سكان المستوطنات فى غلاف غزة يعلنون حالة الاستنفار القصوى ومراقبة الطائرات على مدار الساعة وحركة طيرانها، مثل مراقبة رادارات الطائرات الحقيقية التى تهبط وتقلع فى المطارات، خشية أن يسقط أحد تلك الأطباق الورقية الحارقة على أحد الحقول وتحرقه بالكامل كما حدث فى حالات متكررة خلال الأيام الماضية، فقد تحولت تلك الطائرات إلى قنبلة موقوتة تهدد اقتصادهم لأنها تتجول فى الأرجاء وتخلف الدمار لمزارعهم دون أن يستطيعوا فعل شىء.

لقد فعلها الشباب الفلسطينى فى الجمعة الماضية التى حملت عنوان «الشهداء والأسرى» فى إطار مسيرات العودة الكبرى التى بدأت منذ قرابة شهر وتتصاعد وتيرة إبداعاتها فى كل مرة، يقولون إن الحاجة أم الاختراع، وقد أثبت الشباب الفلسطينى اليائس أنه مبدع ومبتكر وقت الأزمات والظروف الحالكة، بعد أن أطفأ الرئيس محمود عباس مصابيح الأمل فى التئام جرح الانقسام بقراراته التعسفية بحق أبناء القطاع بغية إذعان ورضوخ حماس، من خلال مسلسل تجويع القطاع وإذلاله والضغط عليه فى لقمة عيشه لإعلانه فيما بعد «إقليم متمرد» إذا لم ترضخ حماس لقرار تسليم مفاتيحه كاملاً إلى سلطة رام الله، فقد هدد الرئيس عباس بأن ثمة خيارين أمامه، إما أن يتسلم الحكم بصورة كاملة فى قطاع غزة، أو يتركه بصورة كاملة لحماس، وذهب لأكثر من ذلك حين أعلن أنه سيتم البحث فى إمكان اتخاذ المجلس الوطنى المقرر انعقاده نهاية هذا الشهر قراراً بحل المجلس التشريعى الذى تحظى فيه حماس بغالبية الثلثين، بما يجعل مصير قطاع غزة فى مهب الريح وأهواء الغلبة فيه، فى الوقت الذى يتحتم فيه على رئيس السلطة «أبومازن» أن يضاعف ما يقدم لأهل القطاع المحاصر الذى يعيش ظروفاً من البؤس ويحاول أبناؤه الصمود والنهوض بمقاومة الاحتلال ومقارعته فى مسيرات العودة المستمرة وبما يبتكره متصدياً لعدوانه.

لقد أعطت السلطة الفلسطينية إشارات جدية إلى بدء انسحابها من غزة بوقف دفع رواتب موظفيها للمرة الأولى منذ الانقسام عام 2007، وتدرس إحالة جميع الموظفين إلى التقاعد، بعد فشل الجهود فى تمكين حكومة الحمد الله من إدارة شئون القطاع دون تداخلات من حماس، ما عمق من أزمة الانقسام الوطنى أكثر فأكثر، وقد يترتب على ذلك أن يتحول الانقسام إلى انفصال دائم وربما نشوء نظام سياسى فى غزة تشكل حماس العمود الفقرى فيه، سيكون نظاماً قائماً على الهيمنة الحزبية والفردية على غرار حكم السلطة فى الضفة الغربية! لأن حماس تدرس خياراتها المحدودة فى ظل تضييق الخناق عليها من الرئيس محمود عباس، وبدلاً من البحث عن مخرج وطنى لصالح المواطن، تثبت هى الأخرى أن المواطن ليس فى الحسبان ولا تقيم له وزناً فى ضوء الإشارات التى تصدر عنها بدراسة خياراتها واحتمالات تشكيل حكومة وطنية لعموم الأراضى الفلسطينية تضم القوى المختلفة أو شخصيات مستقلة لإدارة القطاع، تتخذ من غزة مركزاً لها فى حال انسحاب السلطة، واعتبار الضفة الغربية محتلة ويتم العمل على تحريرها، الأمر الذى يهدد مصير القطاع بالكامل. التصعيد الحادث من الطرفين لا يصب إلا فى مصلحة إسرائيل والمخطط الأمريكى، ويدفع ثمنه أبناء القطاع القابعون على خط المواجهة مع إسرائيل، صناع القرار منشغلون فى تصفية الحسابات فيما بينهم فى الوقت الذى يقف فيه شباب مسيرة العودة عارى الصدور فى مواجهة محتل غاشم، لم يمنعهم ضعف إمكاناتهم من الإبداع والابتكار بأقل التكاليف ليحولوا تخوم غزة المستوطنة إلى قطعة من نار تقض مضاجع المستوطنين وتنهك اقتصادهم وتؤرق راحتهم، بينما حكامهم يتصارعون على السلطة والنفوذ، فأى وطن يبتغون؟!

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كابوس جديد كابوس جديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon